الإرهاب عادة يهدف إلى نشر الفوضى في كل مكان، ويهدد الأمن والسلم الاجتماعي، ويزعزع الأمن والاستقرار ببث روح الكراهية وزرع الفتنة من خلال تأجيج الطائفية، وما تعرضت له محافظة الأحساء يوم الجمعة الماضي من عمل إرهابي جديد نُفذ في مسجد الرضا، نتج عنه استشهاد ستة مواطنين وجرح كثير من المصلين الذين يستعدون لتأدية صلاة الجمعة، إلا دليلاً واضحاً على ضرب خاصرة الوطن من خلال تقويض وحدتنا الوطنية، وتأجيج الطائفية بين أبناء الوطن الواحد. لم يكن هذا الاعتداء هو الأول في محافظة الأحساء إنما هو الاعتداء الثاني بعد محافظة «الدالوة» قبل سنة، وكان اختيار الإرهابيين هذا المكان يعود لعدة أسباب أهمها: إثارة الفتنة الطائفية بين سكان محافظة الأحساء المتنوعين فكرياً ومذهبياً الذين اعتادوا على التعايش السلمي فيما بينهم عبر العصور الماضية، حيث اشتهرت محافظة الأحساء بتعايشها السلمي بين سكانها منذ عصور مضت فلم نسمع أن حدثت مشكلة طائفية بين الأهالي سنة منهم أو شيعة فيما مضى، هذا جانب، الجانب الآخر هو تكرار هذه العملية في هذه المحافظة بسبب عدم نجاحهم في المحاولة الأولى ومحاولة إثارة الفتنة بين سكان محافظة الأحساء وإثارة إخواننا من الطائفة الشيعية للقيام بأعمال انتقامية ضد إخوانهم من أهل السنة، وبالتالي كان القصد من هذا العمل الإرهابي هو إثارة الفوضى في الإماكن الآمنة، وتوسيع دائرة الإرهاب والفوضى في المنطقة الشرقية، أضف إلى ذلك أن الهاجس الرئيس لهذا المخطط هو ضرب الوطن من تحت الحزام وذلك بتقويض السلم الاجتماعي وإضعافه من خلال جر المجتمع في مستنقع الطائفية النتنة. المجتمع بجميع أطيافه وبمختلف توجهاته الفكرية أثبت للجميع تعاضده وتماسكه بوحدة الوطن من خلال رفضه لمثل هذه الأعمال من أعلى مستوى إلى أدنى مستوى وهذا يُدلل على الوعي الكبير لأبناء هذا المجتمع، كذلك أثبتت المواقف المتفقة بين المفكرين والمثقفين بمختلف أطيافهم المذهبية وتوجهاتهم الفكرية في إدانة هذا العمل الإرهابي من خلال كتاباتهم ومشاركاتهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وبرفضهم لهذا النهج المتمثل في هدم كيان الدولة وتفتيت وحدتها الوطنية، وجرنا إلى متاهات الحروب والفتن، كما أن رجال الأمن حماهم الله أثبتوا للجميع قوتهم وشجاعتهم وذلك من خلال القبض على أحد المنفذين لهذه الحادثة حياً، ليتسنى لرجال التحقيق التوصل إلى أسباب هذا الاعتداء ومن هم وراءه ومؤيدوه. ونظراً لتكرار مثل هذه الأعمال الإرهابية من قبل شباب صغار في السن مغرر بهم بأن الجنة وراء تفجير بيوت الله وقتل الأبرياء والأطفال، فإن إعلامنا عليه دور كبير في ترسيخ الوحدة الوطنية وغرسها بين أبناء الشعب الواحد من خلال بث البرامج واللقاءات التي تجسد وتعمق بناء النسيج الاجتماعي الواحد وتقويته إلى الأفضل، كما أن أبناء مجتمعنا عليهم دور أيضاً في مقاطعة القنوات الفضائية البغيضة والمؤججة للفتن الطائفية وأن يحاربوها ويمنعوا انتشارها بيننا، لأن هدفها وتوجهها المكشوف هو محاولة زعزعة أمن بلادنا ونشر الفرقة بين أبنائه، ولهذا واجب علينا تفويت الفرصة عليهم وإفشال مخططاتهم التي يهدفون إليها، كذلك عدم نقل المشاهد المؤذية للمشاعر بيننا عبر وسائط التواصل الاجتماعي وخاصة تطبيق «الواتساب»، فقد انتشرت في الآونة الأخيرة وعبر أناس مندسين من خارج الوطن بث فيديوهات أو صور تشوه بعض الحقائق في معتقداتنا أو في حق وطننا، كما أن على القامات الفكرية من السنة والشيعة بأن يكونوا عوناً للدولة من خلال الاستنكار والتنديد بأي عمل إرهابي ضد الدولة سواء من الخارج أو في الداخل بغض النظر من منفذه، وتوجيه الشباب وخاصة متابعوهم في «تويتر» وغيره إلى الطريق الصواب الذي يصب في مصلحتهم ومصلحة الوطن. التعصب المذهبي لن ينتج منه سواء التباعد والتباغض والعداء، والمتضرر الأكبر هو الوطن، فنبذ الطائفية بين أفراد المجتمع وتواصلهم مع بعضهم البعض بلغة الحوار الهادئة تنم على تقدمهم ورقيهم. ختاماً ما حدث من أعمال إرهابية في شرق الوطن أو غربه أو شماله أو جنوبه لن يزيدنا إلا تكاتفاً وقوة وصلابة ومحبة، كما أن اختلافنا في الرأي وتنوعنا في المذهب إنما هو قوة وليس ضعفاً، واستنكار الجميع لهذه الحادثة الإجرامية مثًل قوة التلاحم بين أبناء الوطن الواحد، وواضح أنهم مدركون لكل ما يحدث وماهي الأهداف المرجوة من تلك الأعمال الإجرامية؟ ولذلك فوتوا على كل متربص وعدو الفرصة في تقويض وحدتنا الوطنية التي هي قوتنا وصمودنا.