فيما كثَّفت قوات نظام بشار الأسد والميليشيات الموالية له القتالَ في محافظة اللاذقية قُبيلَ بدء مفاوضات السلام؛ أكد كبير المفاوضين عن المعارضة تعرضها إلى ضغطٍ من جانب واشنطن للانخراط في التفاوض قبل تنفيذ إجراءات بناء الثقة. وأفاد كبير المفاوضين، محمد علوش، في تصريحاتٍ أمس الأحد بتعرض المعارضين إلى ضغوط أمريكية لبدء العملية السياسية قبل وقف القصف الجوي الحكومي ورفع الحصار عن عددٍ من البلدات وإطلاق سراح المحتجزين. وتحدث عن «رد قوي على هذا الضغط» دون تقديم تفاصيل. ورداً على سؤالٍ عمَّا إذا كان مسار التفاوض المقرَّر انطلاقه هذا الأسبوع في جنيف سيمضى قُدُماً؛ أجاب «سيُترَك هذا الأمر للساعات المقبلة». وعلوش ممثِّلٌ عن فصيل «جيش الإسلام» في الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن مؤتمر السوريين في الرياض. في غضون ذلك؛ أبلغت مصادر عن سيطرة قوات النظام والميليشيات الموالية له على بلدة ربيعة، التي كانت آخر معقل إستراتيجي للفصائل المقاتلة في محافظة اللاذقية غربي سوريا. واعتُبِرَت البلدة، التي تقع في جبل الأكراد على بعد 13كم من الحدود التركية، منطقة تجمُّعٍ لعدة فصائل أهمها الفرقة الساحلية الثانية المؤلَّفة أساساً من مقاتلين تركمان وعناصر من الحزب الإسلامي التركستاني. ولاحظ المرصد السوري لحقوق الإنسان أن العمليات في ريف اللاذقية تستهدف، خصوصاً ضمان أمن قاعدة حميميم الجوية، التي تتخذها القوات الروسية مقراً لها. ولفت مدير المرصد، رامي عبدالرحمن، إلى «محاصرة قوات النظام خلال ال 48 ساعة الماضية بلدة ربيعة من الجهات الجنوبية والغربية والشمالية بعدما سيطرت على عشرين بلدة وقرية قريبة». ووصف الخبير في الجغرافيا السورية في معهد واشنطن، فابريس بالانش، ربيعة ب «ملتقى طرقٍ في المنطقةِ أهمها تلك، التي تصل إلى الحدود التركية شمالاً». وذكر أن سيطرة النظام على البلدة قد تتيح له قطع طريق تسللُّ مقاتلي الفصائل في اتجاه اللاذقية جنوباً «بالتالي لن يعود بمقدورهم الاقتراب أو إطلاق الصواريخ باتجاه مركز المحافظة وتحديداً مطار حميميم». وتوقَّع رامي عبدالرحمن أن تضييق قوات الأسد بعد سيطرتها على البلدة الخناق على طرق إمداد مقاتلي الفصائل عبر الحدود التركية. يأتي ذلك فيما لم يحسم المجتمع الدولي بشكل نهائي موعد بدء المفاوضات بين النظام والمعارضة، التي تقرَّر سابقاً أن تنطلق اليوم في جنيف السويسرية تنفيذاً لقرار مجلس الأمن الدولي. وخلال الأيام الأخيرة؛ تحدثت مصادر أممية وأمريكية عن «تأجيل بسيط» لموعد الانطلاق لأسبابٍ قد تكون مرتبطة بخلاف حول تشكيل وفد المعارضة. ويعقد موفد الأممالمتحدة الخاص بالأزمة، ستيفان دي ميستورا، مؤتمراً صحافياً اليوم لتقديم إيضاحات. فيما تعقد الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة للمعارضة اجتماعاً غداً الثلاثاء في الرياض «لتحديد موقفها من الاقتراحات التي تقدَّم بها وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، والمبعوث، دي ميستورا، وبينها إجراء تعديلات على أسماء الوفد»، بحسب المعارض السوري، سمير نشار. وكرَّر نشار موقفاً عبرت عنه الهيئة الأسبوع الماضي، ومفاده رفض إضافة أسماء جديدة من خارج اجتماع الرياض أو حتى مشاركة وفدٍ معارضٍ ثانٍ في اجتماع جنيف. وفي ال 19 من ديسمبر الماضي؛ تبنَّى مجلس الأمن بالإجماع، وللمرة الأولى منذ بدء النزاع السوري، قراراً يحدد خارطة طريق تبدأ بمفاوضات بين النظام والمعارضة الشهر الحالي وتنص على وقف لإطلاق النار وتشكيل حكومة انتقالية في غضون ستة أشهر وتنظيم انتخابات خلال 18 شهراً، من دون أن تشير إلى مصير بشار الأسد. وتلك المبادرة هي الأخيرة ضمن مبادرات عدة لحل النزاع، الذي أسفر في نحو خمس سنوات عن مقتل أكثر من 260 ألف شخص. في سياق متصل؛ أفصحت وزيرة التنمية الدولية البريطانية، جاستين جرينينج، عن نية بلادها استقبال أطفال فروا من النزاع وسافروا إلى دول أخرى في أوروبا. وأوضحت أن «الحكومة تدرس ما إذا كان بإمكانها بذل مزيد لمساعدة نحو ثلاثة آلاف طفل فروا من الصراع بدون أسرهم وهم الآن في أوروبا». ولدى سؤالها عما إذا كانت الحكومة أوشكت على قبول مطالبات من جماعات الإغاثة باستقبال الأطفال؛ ردَّت «هذا ما نقوم به وأعتقد أن هذا هو التصرف الصحيح». وأعلن رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، في وقتٍ سابق أن بلاده استقبلت 20 ألف لاجئ على مدى السنوات الخمس المقبلة من مخيماتٍ في الشرق الأوسط. ويعتقد منتقدون أن استجابة حكومته لأزمة اللاجئين كانت ضعيفة مقارنةً مع ألمانيا، التي استقبلت 1.1 مليون شخص من طالبي اللجوء العام الماضي. وكان ناشطون وأكثر من ثمانين أسقفاً في الكنيسة البريطانية دعوا كاميرون إلى بذل مزيد من الجهد في هذا المجال.