نقل النادي الأهلي صورة مدرج كرة القدم من صورته الكلاسيكية التي تبدأ وتنتهي دون أن يعلم بوجودها أحد، إلى مرحلة أكثر تأثيراً وأكثر نضجاً وأكثر مسؤولية. لا يمكن لمُنصف أن يتجاوز صورة مدرج الأهلي وهو يجتمع على نشيد النادي، ولا يمكن لمنصف أن يمرر مرحلة التيفو التي عُرفت عبر المدرج المؤثر. لقد أظهر المدرج الأخضر في ملعب الجوهرة فلسفة تشجيع لم نكن لنراها إلا في الملاعب الأوروبية، ووجد كثير من مبارياته المحلية والآسيوية ردود أفعال وتغطيات واسعة، فتحت الآفاق أمام المنافسات السعودية وأمام المُستثمرين الجدد، بل إن كثيراً من التعليقات والآراء والإشادات لشخصيات مختلفة كانت محل تداول إعلامي بشكل واسع. أحببتُ أن أذكر بما سبق لأقول، بأن قرار منع نشيد الأهلي كمفهوم يُحترم لكنه قرار لم يكن منصفا خاصة وهو يظهر للملأ دون مسوغات واضحة. لا شيء يعلو على الوطن، ولا أعتقد أن عاقلاً يمكن أن يساوم على وطنية الأندية التي تُردد نشيدها، ولا أتوقع ازدواجية تحدث بين نشيد ناد في مبارة ونشيد وطني له مكانته وقدره، يردده طلاب المدارس كل صباح. نشيدنا الوطني قيمة وقدر ومهابة، لن يهزها اصطفاف لاعبي الأهلي أمام جمهورهم لمدة لا تتجاوز ثلاثين ثانية، ومع ذلك فإن احترام القرار أصبح مطلبا. لستُ أيضاً مع من يجعله حرباً مباشرة من الرئاسة، لكني أدعو صانع القرار فيها إلى كلمة سواء حول آليات تطبيق القرار، الذي بقي مُتداولاً في وسائل الإعلام ولم يصل للنادي رسمياً سوى قبل المباراة بسويعات، وربما عبر اتصال هاتفي كما جاء على لسان أمين عام النادي. أهلاً بالمنع للمصلحة، لكن لا أهلاً ولا سهلاً به بتلك الطريقة البيروقراطية، التي تؤكد على أن تعاطي القرارات مازال يُعاني ومازال خالياً من الشفافية وأسلوب الحوار، الذي يُعتبر منهجاً راسخاً في التعاطي مع الشباب. الأهلاويون سيمتثلون لأنهم عرفوا بثقافة الرأي الآخر، لكني أدعوهم في كل مبارياتهم إلى تخليد نشيدهم عبر ترديده، أسوة بما تفعله الأندية الأوربية الكبيرة. لم أطلع على القرار ولا أعرف سبباً لعدم خروجه للملأ، ويبدو لي أنه مهتم بجانب اصطفاف اللاعبين أمام الجمهور رغم ترديد النشيد الوطني قبله، وهي مسألة يمكن إيصالها بطريقة أفضل مما سُوق له عبر وسائل الإعلام. بقي أن أقول: كيف سيكون وضع الأندية المشاركة آسيويا؟ وهل سيشملها تطبيق نص قرار المنع أيضاً أم أنها لا تخضع لذلك؟