قدمت لنا مواجهة ذهاب نصف الدور النهائي في دوري ابطال آسيا بين الهلال والعين الاماراتي يوم الثلاثاء الماضي صورة جميلة لابد من التوقف عندها والاشارة اليها على اعتبار انها ترسم ملامح جميلة عن اخلاقيات المشجع الرياضي وثقافته وما يجب أن يكون عليه، فبعد ما كان الجميع فيما مضى معجبا بالطريقة التي تتعامل بها الجماهير اليابانية بعد نهاية المباريات التي تحضرها، تترك أماكنها وهي نظيفة خالية من أي مخلفات تجاوبا مع التنبيهات والنظام هناك، حتى تشعر أنه للتو تم تشييد هذه الملاعب وأن هناك نظافة غير عادية تبدأ بمجرد نهاية اللقاء ومغادرة الفريقين أرض الملعب، هذه الثقافة الراقية اسرت الكثير واصبحوا يتحدثون عنها ويتمنون رؤيتها في الملاعب السعودية التي غير افتقادها للبنية التحتية والصيانة المطلوبة فهي تجد تعاملا غير راق من بعض الجماهير التي تقفز على الاسوار وترمي بالمخلفات في المدرجات وتغادرها وكأن هناك من رمى اطنان من النفايات داخل الملعب وفي الارجاء المحيطة به، وهذا بلا شك يعكس ثقافة غير جيدة من الجماهير التي يفترض ان تحرص على حفظ صيانة الممتلكات الخاصة والتي تعد الملاعب جزءاً منها، ولكنها لا تفعل ذلك، بل تساهم في تشويه الصورة العامة عن الرياضي الذي يفترض أن يكون بالفعل رياضيا في تنافسه واخلاقه ونظافته، ولكن! وزعت على أنصار الفريق المنافس الوجبات التزامًا بحق الضيافة.. واهتمت بنظافة المدرجات الثقافة اليابانية التي تظهر لدى دول آسيوية واوروبية اخرى جسدتها جماهير الهلال على ارض الواقع يوم الثلاثاء الماضي في مباراة فريقها أمام العين الاماراتي في ذهاب الدور نصف النهائي عندما قدمت للجميع انموذجا يحتذى به ويعبر عن مثالية وثقافة جديدة في الملاعب السعودية ربما تكون نواة لعمل مستمر تقوم به جماهير الاندية الأخرى في مختلف المباريات حتى تساعد مسؤولي هذه الملاعب على تكريس مفهوم النظافة العامة وترك المدرجات وهي اكثر جمالا بعيدا عن التشويه برمي المخلفات، ومجرد نهاية لقاء العين الذين كانت نتيجته ثلاثية زرقاء هبت الجماهير الهلالية لتنظيف المكان وسط صورة حضارية ورقي لم تشهده الملاعب لدينا من قبل في المواجهات التي يكون طرفها فرق غير سعودية، هذا التصرف المثالي يحسب لهذه الجماهير التي لم يشغلها الانتصار العريض على الاحتفاء كيفما ارادت، ولكنها استشعرت المسؤولية وقدمت رسالة تعبر عن حرصها على أن تكون نبراسا للجماهير في جميع المباريات كما هو حال الجماهير اليابانية والكورية والبلدان التقدمة التي ترى أن نظافة الملعب جزء من الثقافة العامة للشعوب ومدى رقيها وتحضرها وحرضها على تقديم صور متعددة من الصور الايجابية. التصرف الحضاري للجماهير الهلالية لم يتوقف عند هذا الحد انما توجته بصورة ثانية أكثر ايجابية تجاه الجماهير الشقيقة في نادي العين الاماراتي الذين قدموا الى الرياض لمساندة فريقهم وذلك عندما وزعت عليهم الوجبات مجانا ايمانا منها بحق الضيف بحقوق الضيافة الكاملة، وكان لذلك ردة فعل رائعة وتعبير مثالي من الاشقاء الذين بادلوا الجماهير الزرقاء المحبة والتقدير والتأكيد على أن السعودية والامارات بلد واحد وشعبان يتبادلان رسائل الود والاحترام في الرياضة وفي مختلف المجالات، ومثل هذه الصورة الجميلة التي لايرسمها الا الجماهير الواعية التي تضع في اعتبارها ان المنافسة لاتتجاوز زمن المباراة تعزز من القيم والتقاليد الجميلة بين الشعوب وتساعد على طرد التعصب ونبذ الاحتقان، وبالتالي زيادة والوئام بين الاشقاء. الصورة الجميلة الثالثة الاكثر روعة من جماهير الهلال، ما حدث قبل بداية مباراة فريقها امام العين عندما حرصت على ترديد النشيد الوطني (سارعي للمجد والعليا) تزامنا مع بدء (التيفو) الذي رسمته هذه الجماهير في استاد الملك فهد الدولي كاعتزاز به وتقديمه على أي نشيد آخر، ولقي ذلك تقدير وتفاعل الجميع خصوصا الذين حضروا اللقاء، فرسم ترديد النشيد الخالد وسط الحضور الجماهيري الرهيب ومن ثم بعده الانتصار العريض صورة ربما لا تكرر وكل ذلك من صنع جماهير الهلال التي كانت لها الاولوية في رسم مثل هذه الصور. اما الصورة الرابعة التي لا علاقة لها بالصورة السابقة ولكنها مهمة، فهي الصورة التي يحاول البعض أن يجسدها في ذهن اللاعب والاداري والمدرب الهلالي قبل مواجهة الاياب الآسيوي في العين، وهي الجزم بتأهل الفريق الأزرق الى نهائي آسيا عطفا على الانتصار الكبير، وهذا تعدٍ على الغيّب وعدم يقين بأن كرة القدم تعتبر (أم المفاجآت) ومن يفوز بالثلاثة ربما يخسر بالأربعة ومن يكسب على أرضه ربما يسقط خارجها، ومن لا يفوز على ملعبه، ربما ينتصر خارجه ويحقق ما يريد والتجارب حول هذا الأمر كثيرة ذلك على الهلاليين تحصين انفسهم من الترشيحات المسبقة والتخدير الذي يستهدف دخولهم مباراتهم المنتظرة وكلهم افراط بالثقة، وعليهم استحضار سيناريو مواجهة الغرافة القطري في الرياض ثم ما حدث في الدوحة حتى يعبروا العين في الامارات نحو النهائي الكبير، اما اذا استسلموا للترشيحات والعناوين الرنانة فالمهمة ستكون صعبة عليهم للغاية، والعين ليس امامه مايخسره والدليل تصريحات عمر عبدالرحمن عندما قال (الوعد مباراة الاياب) وهذا تأكيد على ان ممثل الامارات لن يستسلم، انما سيبحث عن الطريق الكفيلة بنقله الى نهائي آسيا.