في أوائل الثمانينات وربما في أواخر السبعينات اتخذت القيادة السياسية المصرية قرارا حاسمًا مع الملف الإيراني، وذلك عندما لمس صانع القرار المصري بأن إيران وراء سلسلة من التفجيرات والعمليات المخلة بالأمن في البلاد خاصة أن عدداً من دبلوماسييها لهم أيادٍ مشبوهة في هذا الوحل الإجرامي، فأيقن المصريون بأن وجود البعثة الإيرانية في مصر خطر على الأمن القومي المصري فلم يتردد الأخوة الأشقاء في جمهورية مصر العربية من قطع العلاقات مع هذه الدولة السرطانية التي ما دخلت بلدا إلا وسعت لإفساده، واقتناص ضعفاء النفوس من أبنائه ليكونوا خناجر في خاصرة أوطانهم وسكاكين تطعن في ظهورهم، والأمثلة كثيرة، فها هو لبنان الذي يعاني من هيمنة طهران على مجريات القرار السياسي فيه من خلال مليشيات حزب الله الذي لم يكتفِ بتدمير بنية الوحدة الوطنية اللبنانية ليتمدد للأراضي السورية لممارسة هذا العبث الفارسي الصفوي في البلاد العربية، وكذلك لا يستطيع أي عاقل أن ينكر الدمار الذي أحدثه الفرس المجوس وورثتهم الصفويون بالشعب السوري الشقيق، ووسائل الإعلام تمدنا بشتى التقارير عن هذا التدخل الإيراني بالشأن السوري، كما أن الجميع يعرف بأن العراق الحديث المؤسس منذ عام 1920م الذي قاده العراقييون الوطنيون من عرب وأكراد، ومن شيعة وسنة ومن مسلمين ومسيحيين لم يحدث فيه طوال ما يقارن القرن أي اضطرابات سياسية بينما عملاء إيران القادمين لبغداد مع طلائع الدبابات الأمريكية الغازية أحدثوا في 12 سنة شتى الجرائم من دمار وقتل وتشريد ما لم يحدثه التتار في عصورهم الغابرة، ناهيكم عن الانقلاب الحوثي المشؤوم على شرعية الدولة في اليمن، الذي تحول بفضل سياسات إيران ومرتزقتها الحوثيين العملاء من اليمن السعيد إلى اليمن التعيس البائس الحزين، كما أن المتابع يعرف مدى الدمار الذي أحدثه الصفويون في العصر الحديث مع منظومة الشر الخمينية من تفجيرات في الكويت بالثمانينات وما أحدثه عملائها باسم الحج من دمار وترويع لأمن الحجيج في منتصف الثمانينات الميلادية في البلد الحرام بالمملكة العربية السعودية، في البلد الذي تأمن فيه العصافير والحمائم على أنفسها من اللمس والخوف لكن مع الأسف الشديد لا يأمن الحجاج المسلمون المؤمنون على أنفسهم من عبث جلاوزة النظام الفارسي الصفوي الذي اتخذ من الإسلام مطية لترويع عباد الله المسلمين باسم «الموت لأمريكا» وباسم معاداة «الشيطان الأكبر» الذي تحوّل هذه الأيام إلى الصديق الصادق الصدوق. ها هو الإعلام يطالعنا هذه الأيام بأحدث جرائم النظام الغوغائي في طهران، وهو الهجوم على الممثليات السعودية في إيران بعد تنفيذ الحكومة السعودية حد القصاص الشرعي بإحد المجرمين المحسوبين عليها والمنطويين ضمن قائمة عملائها الذين كانوا يسعون لخدمة مشاريعها التوسعية والعبثية في المنطقة، والمعروف بأن حماية هذه البعثات مسؤوليتها على النظام الحاكم للبلدان التي فيها كما معلوم في الاتفاقيات الدولية المنصوص عليها عالميًّا، وما تفعله حكومة طهران بمملكة البحرين من تدخلات صارخة أدّت لإشعال هذا البلد بعدد من الأزمات التي كادت أن تقضي على السلم والامن فيه، وما أحدثته خلية العبدلي بدولة الكويت، مما دفع حكومة الكويت لاتخاذ عدد من الإجراءات القضائية لردع هذا الإجرام، وهذا الأمر بالكويت لم يقف عند السياسة الإيرانية فقط بل تعداه إلى رجالها المنتمين لها إما مذهبيا أو عرقيا الذين أعلنوا بكل صفاقة وجه مقاطعتهم لجلسات مجلس الأمة في احتجاج واضح وجريء على أحكام القضاء، وهذه سابقة أإخلاقية لا بد من التوقف عندها بكل جدية وحذر. لم يقف الأمر بالفرس الصفويين التمادي لهذا الحد، لكن رب ضارة نافعة، حيث كشفت مثل هذه التجاوزات الخطيرة معادن الناس، فمنهم الذهب الأبريز الخاص الذي كلما كوته النار زاد لمعانًا وتوهجًا، وعاد إلى معدنه الأصيل حيث انتبه العربي الأصيل والمؤمن الحق، وكذلك كشف الغطاء عن الرديء من الناس الذي كلما زادت الظروف حلكة كلما تساقط منهم الصدأ الرخيص، ليعلنوا من حيث لا يعلمون بأن معادنهم رخيصة وأن الصدأ المتساقط منها أرخص منهم بكثير.