بالتزامن مع تحركات حكومية وبرلمانية لاحتواء الغضب؛ تجمَّع مئات الأشخاص مُجدَّداً في ولاية القصرين وسط تونس للتعبير عن سخطهم من البؤس في منطقتهم المهملة. ووقعت لاحقاً اشتباكات مع الشرطة. ودعا المتجمعون أمس إلى إيجاد حلول لمشكلة البطالة بعد أيام من وفاة شاب صعقته الكهرباء أثناء احتجاجه على استبعاده من لائحة توظيف حكومية. وبعد وقفة سلمية أمام مقر الولاية؛ اتجه المتظاهرون إلى وسط المدينة التي تحمل الاسم نفسه، بحسب ما أفاد صحفي أشار لاحقاً إلى لجوء مجموعات صغيرة إلى قطع الطرقات بالإطارات المشتعلة. وجاءت موجة الاحتجاج التي دفعت بالسلطات إلى إعلان حظر تجول ليلي في القصرين؛ إثر وفاة رضا اليحياوي (28 عاما) بصعقة كهربائية. وتسلق اليحياوي السبت الماضي عمود كهرباء قرب مقر الوالي احتجاجاً على سحب اسمه من قائمة توظيف في القطاع العام. وبعد 48 ساعة على الحادثة؛ أعلن رئيس الوزراء، الحبيب الصيد، إقالة مسؤول رسمي في القصرين وفتحَ تحقيقٍ حول الملابسات. لكن المئات ظلوا غاضبين وتجمعوا صباح أمس الأول للتعبير عن استيائهم. ونسب مسؤول في وزارة الداخلية إلى بعضهم رشق الحجارة، ما دفع الشرطة إلى تفريقهم مُستخدمةً الغاز المسيل للدموع. ووفقاً لمصدر رسمي؛ أدت الاشتباكات إلى إصابة 14 شخصاً بجروح طفيفة، فيما أغلقت بعض المحال التجارية والمدارس أبوابها. وتحدث والي القصرين، الشاذلي بوعلاق، عن «بعض حالات انتهاك لحظر التجول» ليل الثلاثاء – الأربعاء في المدينة. في هذا السياق؛ لفت مصدر أمني وشهود إلى وقوع حوادث في تالة ومكناسي والمزونة؛ حيث أشعل المتظاهرون إطارات. وعلى غرار تجمُّعٍ صباح الإثنين الماضي؛ تَجمَّع نحو 150 شخصاً غالبيتهم من الشباب في العاصمة أمس «دعماً للقصرين»، وحمل بعضهم صوراً لليحياوي. وهتف المتظاهرون «عمل.. حرية.. كرامة وطنية» و»العمل حق». وفي حديثٍ إلى إذاعة «موزاييك إف إم» الخاصة؛ أكد الوالي، الشاذلي بوعلاق، أن السلطات المحلية في صدد الاستماع للمتظاهرين. وأوضح «نحن نستقبل بعض الشباب وأصحاب الشهادات العليا، نستمع إليهم ونحاورهم ونسجل مطالبهم». والثلاثاء؛ أعلن رئيس البرلمان، محمد الناصر، أن وفداً برلمانياً سيزور القصرين في موعد لم يُحدَّد بعد. في الوقت نفسه؛ ستُعقَد جلسة حكومية بحضور رئيس الوزراء في وقتٍ قريبٍ لمناقشة خطة رسمية حيال التوظيف. ورغم نجاحها في عملية الانتقال السياسي التي أعقبت انتفاضة عام 2011؛ ما زالت تونس غير قادرة على النهوض باقتصادها. وتُقدَّر نسبة النمو فيها خلال عام 2015 بأقل من %1 تأثُّراً بأزمة القطاع السياحي نتيجة انعدام الاستقرار والهجمات الإرهابية. وتخطت نسبة البطالة على الصعيد الوطني %15، وبلغت الضعف لدى حاملي الشهادات العليا. وعلى غرار الوضع قبل الانتفاضة؛ لا تزال المدن غير الرئيسة تعاني من الإهمال بشكلٍ كبير. ومع بداية العام الجديد؛ أجرى الحبيب الصيد تعديلاً حكومياً بعد عام من الحكم الذي اعتُبِر مخيباً للآمال. وفي كلمة ألقاها في الذكرى الخامسة للانتفاضة؛ شدد الرئيس، الباجي قائد السبسي، على إدراكه «واقع المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي أصبحت أكثر حدة جراء الاعتداءات الإرهابية». لكنه، رغم ذلك، أعرب عن ثقته بأن عام 2016 سيكون «عام الشجاعة في الإصلاح وسرعة التنفيذ، والأمل والعمل رغم حجم الصعوبات».