التصوير وسيلة توثيق وتأكيد وتخليد وعين المجتمع لرصد أحداثه وظواهره وواقعه، التصوير أحد نوافذ العصور والأجيال القادمة لرؤية حاضرنا وتاريخنا الراهن، ما إن ربطت الكاميرا بالهواتف المتنقلة أصبح الجميع مصوراً ومراسلاً وصحفياً وإعلامياً من قلب الحدث إن لم يكن صانعاً للحدث وذلك من خلال نشر صيد كاميرته على صفحات وسائط التواصل الاجتماعي ومن ثم أصبح العالم بأسره مكشوفاً أمام الجميع، وأصبحت الكاميرات على اختلاف أشكالها وأحجامها شبحاً يلاحقنا في المنزل والشارع والعمل والمناسبات والمجالس والديوانيات ولا مجال للهروب من هذا الشبح المرعب المتصيد للموقف المحرجة والصور المضحكة، وما هذا السيل الجارف من الصور ومقاطع الفيديو المتداولة دون قيد أو شرط عبر شبكات وسائط التواصل الاجتماعي إلا دليل على انتهاك وعبث في خصوصيات الآخرين تحت مظلة هواية التصوير.. التصوير والنشر المباشر ثقافة حديثة شاعت وانتشرت على وسائط التواصل الاجتماعي تدريجياً حتى تربعت على عرش هذه الشبكات فأصبح للصورة هيمنة وسيادة لتكون إحدى أهم أدوات المعرفة والإعلام، هذه النزعة الفنية راجت لإشباع رغبة الظهور من ناحية ومحاكاة الغير من ناحية أخرى وبين هذه الرغبة وتلك فقدنا الرقابة على ثقافة وضوابط وآداب التصوير وتمادى كثيرون في استخدام الكاميرا والنشر المباشر وعلى إثره سقطت الخصوصية وسقطت كثير من القيم والعادات الاجتماعية.. الجهل بعاقبة الأمور، وقلة الوعي الاجتماعي، وتقصير بعض الآباء في المتابعة والإشراف والرغبة في البروز وتقليد الغير ساهم في إساءة استخدام تقنية التصوير والنشر وأنتج آثاراً سلبية، وذلك من خلال استغلال – تصوير ونشر – الأخطاء والهفوات التي تقع دون قصد لتصل إلى أي بقعة من بقاع الأرض بعد ثوان من خلال وسائط التواصل الاجتماعي وأجهزة البث المباشر التي كسرت الحواجز وفرضت نفسها على الجميع وتعدت خصوصية الشخص والعائلة والمجتمع .. هواية التصوير والبث المباشر احتلت الخيار الأول على وسائط التواصل الاجتماعي، وبتنا نعاني من كاميرات الحرفيين والهواة المسلطة علينا سواء رضينا أم أبينا، متغافلين بأن التقاط الصور له آداب ومبادئ وإتيكيت منها الاستئذان وإخبار الأشخاص الموجودين في الموقع قبل بدء التصوير حتى في الأماكن العامة، وتجنب إظهار الغير في صور غير لائقة احتراما لمشاعرهم وخصوصياتهم، كذلك تجنب تصوير العوائل خاصة في المجتمعات المحافظة التي ترفض ظهور المرأة على وسائط التواصل الاجتماعي لما تسببه من تفكك أسري أو على أقل تقدير توتر في العلاقات الأسرية ..