ًالانتقاد أو النقد هو التقييم والتقويم في إظهار مزايا الشيء وعيوبه ووضعه على كفة الميزان الموضوعي من أجل تطويره بالتخلص من عيوبه وتعزيز مميزاته ليصل لمستوى مقبول من الرضا وكلما كان النقد للشيء دقيقاً مفصلاً كان مصداقاً لرقي العملية الحياتية وعمارة الأرض وتحقيقاً للإتقان المنشود. في مجتمعنا لا يزال النقد للأفكار يتحول إلى نقد صاحب الفكرة، وخاصة حال الانسداد لفهم الفكرة أو الاصطدام بالأفكار المختلفة وخاصة تلك المرتبطة بالمعتقد أو المسلّم به بالنقل أو السمع أو الوراثة دون التحقق من مصاديقه، مع الأسف إن مصطلحين انتشرا بعدم فهم وقلة حيلة أمام الأفكار التجديدية والخلاقة حينما تصدر من أيٍّ كان، ففي عالمنا العربي لا ينظر للفكرة وتحليلها بل مباشرة يذهب الذهن في تقييمه للقول لمن قال فتأتي التقييمات بهل هو من أهل التخصص؟ هل يملك مشروعاً؟ هذه أسئلة في غير محلها وهي نوع من الإيحاء برفض الفكرة مهما كانت؛ فالمهم ألا تصدر إلا من فئة التخصص في مجال الفكرة ، وهذا اُسلوب أضاع عليها أفكاراً كثيرة كان من الممكن الاستفادة منها لولا هذا التضليل ، فمثلا عندما نرى مطبات الشوارع وننقدها هل من الضروري أن يملك المنتقد شركة سفلتة لكي يقيّم المطبات ويعرف أنها تسبب الضرر للمركبات، وأعني تلك الحفر والنعرات والنتوءات التي تشيخ بشوارعنا فجأة فتغدو كوليد عليه تجعدات الشيخ المسن، وهل عندما نقيم المركبات وأنواعها ومزاياها علينا أن نملك مصنعاً للسيارات لكي نتخصص ونملك مشروعاً حتى نمارس النقد، هل علينا أن نكون جميعا معلمين؛ لكي نكتشف أن مخرجات التعليم سيئة، وهل علينا أن نكون جميعاً أطباء لنلاحظ سوء الخدمات الطبية. إن عملية النقد لا تكتمل إلا بثلاثة عناصر هي ركيزة النقد البناء هي: محاولة «خاطئة أو ناجحة»، ونقد لهذه المحاولة، ومشروع لتطوير المحاولة. وليس بالضرورة أن تجتمع الثلاثة في شخص واحد فكل له عمله ولا يطالب بجميعهم إطلاقاً لأن في ذلك تحجيمًا وتضييقًا وقد يصل إلى إعدام ممارسة النقد ووصولاً إلى التوقف عن التطور والنمو ووقف العمليات الحياتية؛ مما يجعل المجتمع القامع للنقد متوقفاً تاريخه حتى يفسد دون استخدام، علينا تقبل الأفكار مهما كان مصدرها دون اللجوء للسفاسف حال ضعفنا عن مواجهة الفكرة بالحجة، فكثيرون مع الأسف عندما يضعفون أمام الفكرة يذهبون لوصم صاحبها في إيحاء لتابعيه بالابتعاد عما يقوله صاحب النقد وبالتالي ضياع أفكاره أو الحجر عليه مثل «حاقد – هادم للدين – علماني – ليبرالي- ضعيف – تغريبي – ساذج – فارغ – هزيل – ماركسي – شيوعي – كافر – مشرك» وهكذا من الألفاظ الإقصائية التي تنتج من ضعف المتلقي عن فهم الفكرة والانتقال من مركز الدفاع عن الفكرة إلى الهجوم على صاحب الفكرة.