قبل أيام من انتقال السلطة في فنزويلا للمرة الأولى منذ 16 عاماً، تضاعف السلطات اليسارية إجراءاتها الرمزية وتصريحاتها بينما تستعد المعارضة لتولي قيادة البرلمان في أجواء أزمة اقتصادية. وفي الانتخابات التشريعية التي جرت في السادس من ديسمبر مني تيار تشافيز الذي يحمل اسم الرئيس الراحل هوغو تشافيز، بأسوأ هزيمة انتخابية منذ وصوله إلى السلطة في 1999. وفازت المعارضة المجتمعة في تحالف «طاولة الوحدة الديمقراطية» بأغلبية الثلثين في البرلمان أي ب 112 مقعداً من أصل 167، في أجواء من الاستياء الشعبي الذي تثيره الأزمة الاقتصادية التي تضرب هذا البلد النفطي. وتسمح هذه الأغلبية الموصوفة للمعارضة التي ستبدأ عملها في البرلمان في الخامس من يناير، موعد تولي النواب الجدد مهامهم، بالاستفادة من صلاحيات واسعة بما في ذلك الدعوة إلى استفتاء وتشكيل جمعية تأسيسية وحتى الدفع باتجاه رحيل مبكر للرئيس نيكولاس مادورو عبر خفض مدة الولاية الرئاسية. وخلال الدورة الأخيرة لنواب تيار تشافيز التي انتهت أمس، وافق هؤلاء على تعيين 34 قاضياً في محكمة العدل العليا مما أثار غضب المعارضة التي شككت في شرعيتهم ودانت هذه الخطوة «اليائسة» ل «برلمان يحتضر». وترتدي هذه التعيينات حساسية كبيرة لأن محكمة العدل العليا ستبت في الخلافات المقبلة بين حكومة مادورو الاشتراكية والمعارضة. والخطوة الرمزية الأخرى التي قام بها البرلمان الأسبوع الماضي هي إقامة «برلمان شعبي» في وجه البرلمان المنتخب في صالة مجاورة لقاعة مجلس النواب. وهذه الهيئة التي يصفها المحللون ب»سلطة موازية» ينص عليها قانون صدر في 2010 لكنها غير مدرجة في الدستور. وهي تضم ممثلي «اللجان الشعبية» وهي هيئات للسلطة التشاركية تعد حجر الأساس لاشتراكية القرن العشرين التي روج لها تشافيز قبل وفاته في 2013. وفي المقابل تتخذ المعارضة مواقف لا تقل شدة. وفي مقابلة أجريت مؤخرا قال زعيم الجناح الراديكالي في تحالف المعارضة ليوبولدو لوبيز إن أولوية النواب المقبلين ستكون دفع «مادورو إلى الرحيل قبل 2019» السنة الأخيرة من ولايته الرئاسية. وأضاف لوبيز «للتوصل إلى ذلك هناك آليات دستورية يمكن أن تطبق حسب الظروف». وكان حكم على لوبيز في سبتمبر بالسجن 14 عاما بتهمة التحريض على العنف خلال تظاهرات 2014 التي قتل فيها 34 شخصا. وأدى الحكم إلى سيل من الانتقادات الدولية. وقال لوبيز (44 عاما) إن انتخابات السادس من ديسمبر «تمثل إضعافا للديكتاتورية بانتظار انهيارها النهائي». من جهته، قال إنريكي كابريليس زعيم الجناح المعتدل للمعارضة والمرشح السابق للانتخابات الرئاسية التي جرت في 2013 إن فنزويلا لا تحتاج إلى برنامج عمل سياسي بل إلى إجراءات لمواجهة الأزمة الاقتصادية العميقة وبلغت نسبة التضخم معها 200% وتراجع إجمالي الناتج الداخلي 10% في 2015، كما يقول المحللون. وأضاف كابريليس أن «الناس صوتوا لإخراج فنزويلا من الأزمة، من أجل أن يبدأ التضخم ونقص المواد في التراجع ويتوقف تدهور الأجور، وحتى تكون لدينا مؤسسات تسمح للبلاد بالعمل».