من المتعارف عليه بين قبائل العرب أن في كل قبيلة مجموعة من الجهَّال الطائشين لا ينفكون عن اختلاق المشكلات والمشاحنات مع القبائل الأخرى حتى تأتي فئة من عقلاء القبيلة، فتأخذ على أيديهم، وتمنعهم من المضي في هذا العبث فلا يحدث ما لا يُحمد عقباه، ولكن وجود هؤلاء الجهَّال، والعمل على تشجيعهم، ومؤازرتهم فيما يقومون به من تصرفات عبثية، قد يكون مطلباً قبلياً، ويعبِّر عن رأي الأغلبية في كثير من الأحيان، ولو من خلف الستار، وإن لم يصرِّح عقلاء القبيلة بهذا الإعجاب، ففي هذا البيت تمجيد لأفعال هؤلاء الجهَّال، وافتخار بما يقومون به من شيطنة وفوضى، وأن أعمالهم هي محل تقدير وإعجاب داخل القبيلة، إذ لولا تصرفاتهم الهوجاء تجاه القبائل الأخرى لأصبحت القبيلة مكان سخرية من الآخرين، وتعرضت حقوقها للسلب والنهب. هذا هو الحال في المجتمعات الحديثة، فهي رغم أنها مجتمعات حديثة ومتطورة إلا أن جهَّالها والطائشين فيها كثيراً ما يعبِّرون بتصرفاتهم الخارجة عن المألوف عما يدور داخل نسيج ذلك المجتمع من ثقافات، وتوجهات عنصرية، أو عدوانية تجاه المجتمعات الأخرى في كثير من الأحيان، والمرشح الأمريكي دونالد ترامب، الذي تجاوز بتصريحاته العنصرية حدود المألوف، لا يعدو أن يكون أحد هؤلاء الطائشين، ويعبِّر من خلال هذه التصريحات العدوانية ضد المسلمين عن رأي كثير من أفراد مجتمعه، وهو في الحقيقة ليس ظاهرة صوتية، بل إنه نتاجُ ثقافة، نشأت، وتكوَّنت على تمجيد الجنس الأمريكي، والتقليل من شأن الأجناس الأخرى، بل وإظهارها في مظهر الإرهابي المتخلِّف، والمجرم القاتل في كثير من الأحيان. ومنذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر والإعلام الأمريكي يحقن المجتمع الأمريكي عبر قنواته المختلفة بجرعات مكثفة من الحقد والكراهية ضد الإسلام والمسلمين، وعمل، ولايزال يعمل على إيجاد الصور الذهنية السلبية عن المجتمعات الإسلامية بصفة عامة، والمجتمعات العربية بصفة خاصة، وهو الأمر الذي ساهم في إيجاد أشخاص مثل هذا المرشح المتعصب، ومَنْ يدري فقد تجد دعوة دونالد ترامب لطرد المسلمين من أمريكا صداها في مقبل الأيام لدى المتعصبين داخل المجتمع الأمريكي ما يجعل حياة كثير من المسلمين في خطر دائم، وملاحقة مستمرة.