المشهد الأول: خرج بسيارته الصغيرة لإنجاز مصلحة داخل الحي، استوقفه رجل المرور طالباً الأوراق اللازمة، كان يحمل كل الأوراق المطلوبة، رخصة قيادة واستمارة سيارة وتأمين، وكان يسير ببطء ولم يقطع إشارة مرور ولم يعكس مساراً، مع ذلك فتح العسكري دفتر المخالفات وسجل ضده مخالفة. تبين له أن المخالفة «عدم ربط حزام الأمان». المشهد الثاني: عندما كان رجل مرور «آخر» يسير بسيارته الخاصة في طريقه لعمله في الصباح الباكر، شاهد شاحنة كبيرة تسير في الشارع بين السيارات الصغيرة، وتأخذ مساحة كبيرة عند الإشارة، فسبقها ونزل من سيارته، واستوقف الشاحنة لحين عبور سيارات المدارس أولاً. بين رجلي الأمن السابقين هناك مستوى مختلف لفهم الدور، فغاب عن الأول الباحث عن مخالفات عدم ربط الحزام، وحضر في ذهن الثاني الذي عرف الدور المنوط به قبل أن يصل لعمله ويستقل الدورية الرسمية. يمثل ربط حزام الأمان المرحلة الأخيرة من مراحل الوعي المروري، فيسبقه الالتزام بأنظمة المرور التي يشكل تجاوزها خطراً مباشراً على الأرواح من خلال الوقوع في مخالفات كعكس المسار، والوقوف الخاطئ، وعبور المشاة للطرق السريعة ، والسرعة الزائدة، وقطع إشارة المرور بلونها الأحمر. وبالتالي إصدار مخالفات عدم ربط الحزام قبل الجدية في مواجهة المخالفات الأكثر خطراً، يوحي بغياب فهم رجل المرور لدوره، وعدم تبصُّر الغاية من سن أنظمة المرور، ويمكن القياس على ذلك بمهن أخرى، كدور المدرس في المدرسة، والممرض في المستشفى، والقاضي في المحكمة، وغير ذلك. تكتمل الأناقة بلبس القبعة، لكنها لا تبدأ بها.