مهما ركض القلم؛ فلن يستطيع الإلمام بما يفكر فيه، ثم ينجزه، ثم يفتتحه سمو أمير منطقة جازان، الذي ما انفك يسطر على صفحات ترابها، أرقى «النوتات» الموسيقية جمالاً، ويرسم على رمالها أروع اللوحات بهاءً، وينقش على صخورها أعتق المخطوطات عراقة، مع ما وهبه الله من كرمِ أخلاق الرجال، ورقي تواضع الكبار، الأمر الذي استحق معه كل ألقاب الإعجاب حين أسموه أمير البناء والتشييد، بينما كان منهمكاً جنباً إلى جنب ببناء الإنسان. لم تكن جازان لتصل إلى هذا القدر من النمو، لو لم يكن الأمير قد جاء يحملُ للطفلِ قلماً، وللشابِّ أملاً، وللكبير تبجيلاً، وللعالِم توقيراً، وللمثقف مجلساً، ولجازان مكاناً. إن أحداً لن يستطيع إحصاء خطى الأمير على طول الطريق الممتد بعيداً، ولا متابعة ما ينجزه في اليوم الواحد، أو في جزء منه، متنقلاً بين المدن والقرى والهجر والسهول والجبال والبحار والجزر؛ جاعلاً منها وجهةً لرجال المال والصناعة والأعمال، فاستحال الركود حركة عملاقة، تتسابق فيها المشاريع، فيسبقها سموه إلى ما هو أبعد، حتى غدت جازان فناراً لمن أراد مخر عبابها، ومسلة لمن قصد شواطئها العذراء، وجبالها الفاتنة، فنجح سموه كأرقى ما يكون النجاح.. هكذا يصنعُ الرجالُ المكان، ويُسَجِّلُ التاريخُ زمانَ صانعيه. بالأمس كتبت عن حقبة إنجازٍ تمثلت في إنشاء مدينة صناعية هائلة، وبناء مصفاة كبرى للزيت، مرتبطة بمحطة كهرباء هي الأكبر من نوعها على مستوى العالم، ومطارٍ دوليٍّ عملاق، ولما لم يجف الحبر بعد، حتى وجدتني أمامَ مُنجزٍ جديدٍ آخر، يتعلق بصحة المواطن، حيث افتتح سموه ثلاثة مراكز تخصصية في طب وجراحة القلب، وطب وجراحة العيون ومركزاً لعلاج الأورام، تضمنها مستشفى الأمير محمد بن ناصر، وكذا افتتاح مستشفى الأمل والصحة النفسية، ومستشفى بيش العام، إضافة إلى ثلاثةٍ وخمسين مركزاً للرعاية الصحية الأولية، موزعة على مختلف محافظات ومدن وقرى وهجر المنطقة. كل هذا من أجل أن يوفر- سموه- على أبناء جازان عناء السفر للعلاج بالمراكز التخصصية خارج المنطقة، عوضاً عن مشاريعَ جارٍ تنفيذها اليوم، ليفتتحها في الغد، هي: المستشفى التخصصي، ومستشفى الولادة، ومستشفى الأورام، ومستشفى فيفا العام، ومستشفيات أخرى تشمل ثلاثة قطاعات. كل هذا بقيادة ضمير أمير، يُعَدُّ مجموعةَ عطاءٍ مُرصّعٍ بالإيمانِ والتفاني والإخلاص، في ظل مسيرةٍ طموحةٍ يدير دفتها خادمُ الحرمين الشريفين: الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله وحماه وأيده بنصره، وحمى اللهُ الوطنَ وجنودَه البواسل. قلت: كنتِ يا جازانُ حُلماً فيه شيءٌ من تَمَنٍّ وخيال؛ فغدوتِ اليومَ عُرساً، فيه إشراقٌ وحياةٌ وجمال.