لم يمهلني القلمُ وقتاً لأفكر، وهو يرى ما يسطره هذا الأمير الكريم على صفحات هذا التراب العزيز، لينقل لكم نسخة من مخطوطته الرائعة في رسم جازان.لكن، لماذا أحبّ الناسُ هذا الأمير بهذا القدر العظيم؟ ذلك لأنه أحبهم متفانياً في تحقيق تطلعاتهم، حاملاً حلماً تجاوز أحلامهم.فما إن قَدِمَ الأميرُ محمد بن ناصر إلى معشوقته جازان، إلا وقد فرغ لتوه من رسم هدف كبير بمستوى التحدي الذي جاء من أجله، فتجاوز الإنجاز مستويات الطموح، الأمر الذي استحق معه ألقاب الإعجاب بحقٍ لا تجَمّلَ فيه، حين أسموه أمير البناء والتطوير والتشييد والتعمير، بينما كان مشغولاً جنباً إلى جنب ببناء الإنسان، يرمم ما أهمله الماضي، ويُشيّد ما ينتظره المستقبل.لم تكن جازان لتصل إلى هذا القدر من النمو المتراكض لو لم يكن الأمير قد جاء يحمل للطفل قلماً، وللطفلة زهرةً، وللشاب أملاً، وللكبير تبجيلاً، وللعالِم وقاراً، وللمثقف مجلساً، ولجازان مكاناً.إن أحداً لا يستطيع السير بعدد خطى الأمير على طول الطريق الممتد بعيداً، ولا متابعة ما ينجزه في اليوم الواحد، أو في جزء منه، متنقلاً بين المدن والقرى والهجر والسهول والجبال والجزر.لم تعد جازانُ تقف على أرصفةِ الزمن تتفرجُ على المسافرين من حولها، بعد أن أهداها عبدُالله محمداً ليصعد بها كل القطارات المغادرة باتجاه المستقبل، جاعلاً منها وجهة لرجال المال والأعمال، باستثناءاتٍ نادرة لمزيدٍ من البذلِ ينادي به سموه صباح مساء، فاستحال الركود حركة عملاقة، غدت معها جازان فناراً لمن أراد مخر عبابها، ومسلة سياحية لمن قصد شواطئها العذراء، وجبالها الفاتنة، فنجح سموه كأرقى ما يكون النجاح.هكذا يصنعُ الرجالُ المكان، وهكذا يُسَجِّلُ الزمانُ صانعيه.. فتحية لك سيدي، وإكباراً لك خادم الحرمين، أنْ منحت جازانَ هذا التاجُ المُرَصّعُ بالحب والوفاء. كل ذلك من أجل خاطرك يا ابن جازان يا ابن كل الوطن.