خرج المئات من مقاتلي المعارضة والمدنيين السوريين ظهر أمس من حي الوعر الواقع في مدينة حمص بموجب اتفاقٍ مع ممثلين عن النظام بإشرافٍ أممي يتضمَّن وقفاً لإطلاق النار وفكَّ الحصار. ويُعدُّ الحي آخر نقاط سيطرة الفصائل المسلحة في المدينة الواقعة في وسط سوريا. ومع بدء تنفيذ الاتفاق؛ تصبح كافة أحياء حمص، التي أُطلِقَ عليها سابقاً لقب «عاصمة الثورة»، تحت سيطرة جيش بشار الأسد بالكامل. وعاين شاهدٌ خروج 15 حافلةً على الأقل من المدخل الشمالي الغربي ل «الوعر» الذي حاصرته قوات النظام بشكلٍ محكم منذ نحو 3 أعوام. وذكر الشاهد أن 10 حافلات بيضاء اللون أقلَّت مدنيين معظمهم من النساء والأطفال وبينهم عائلات منخرطين في القتال، فيما أقلَّت 5 حافلات خضراء اللون العشرات من المقاتلين الذين احتفظ عددٌ منهم بسلاحهم الخفيف والمتوسط. وكان من بين الركاب 15 جريحاً على الأقل نقلتهم سيارات إسعاف إلى داخل الحافلات التي لم يُسمَح للصحفيين بالاقتراب منها أو التحدث إلى ركابها. وواكبت الحافلات لدى انطلاقها 10 سيارات إسعاف تابعة للهلال الأحمر السوري و10 سيارات رباعية الدفع تابعة للأمم المتحدة وآليات تابعة للجيش النظامي. وقدَّر محافظ حمص، طلال البرازي، عدد الخارجين ب 300 مسلح و100 عائلة بحدود 400 امرأة وطفل وبعض المدنيين. وأبلغ الصحفيين بقوله «بعد وقف إطلاق النار الناجح حتى الآن وخروج الدفعة الأولى من المسلحين (…) نحن في صدد تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق التي ستنتهي في نهاية الأسبوع المقبل». وينص الاتفاق الذي تم التوصل إليه بإشراف الأممالمتحدة في الأول من ديسمبر الجاري على رحيل 2000 مقاتل ومدني من «الوعر» مقابل فك الحصار وإدخال المساعدات الغذائية والإغاثية وتسوية أوضاع الراغبين في تسليم سلاحهم في إشارةٍ إلى المقاتلين المحليين من أبناء الحي. وتسيطر قوات النظام منذ بداية مايو 2014 على مجمل حمص بعد انسحاب نحو 2000 عنصر من مقاتلي الفصائل من الأحياء القديمة في المدينة بموجب تسوية مع حكومة الأسد إثر عامين من حصار خانق تسبَّب في وفيَّات ونقصٍ كبيرٍ في الأغذية والأدوية. وانكفأ المقاتلون الباقون إلى «الوعر» إلى جانب آلاف المدنيين. ويقيم في الحي حالياً، وفق محافظ حمص، نحو 75 ألف شخص مقابل 300 ألف قبل بدء النزاع في مارس 2011. وأفاد البرازي بتضمُّن الدفعة الأولى من المقاتلين الذين تم إجلاؤهم «جميع المسلحين من الفئات التي لم توافق على الاتفاق الذي تمَّ مع المجتمع المحلي في الحي ومع بعض الجماعات المسلحة». وأوضح أن المرحلة المقبلة ستشهد «بدء الجهات المعنيَّة في قبول تسوية أوضاع من يرغب في تسوية وضعه»، متابعاً «في نهاية المطاف؛ سنكون أمام 3 حالات؛ المسلحون الذين خرجوا في الدفعة الأولى، والذين ستُسوَّى أوضاعهم، والحالات المتبقية هم من لا يمكن تسوية أوضاعهم وسيخرجون في نهاية مراحل تنفيذ الاتفاق». وفي شريط فيديو نشرته لجان التنسيق المحلية بعنوان «خروج المقاتلين الرافضين للتفاوض مع النظام وعددٍ من الجرحى مع عائلاتهم»؛ قال أحد المقاتلين قبل صعوده إلى حافلة «أنا من حلب ونحن لا نتفاوض مع النظام، رغِبنَا في الخروج لنقاتل في الخارج»، معتبراً أن «في الوعر مجاهدون وهم قدَّها وقدود بإذن الله». وطبقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان؛ فإن مقاتلين ينضمون إلى 45 فصيلاً غير متجانس كانوا موجودين في «الوعر». ومن المقرَّر توجُّه المقاتلين من الحي إلى «الجهة الشمالية» من البلاد، بحسب البرازي. بينما شرح مدير مرصد حقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، أن الحافلات ستتوجه إلى مدينة حمص ومنها إلى قلعة المضيق في محافظة حماة (وسط)، ثم باتجاه محافظة إدلب التي تسيطر عليها فصائل «جيش الفتح» منذ الصيف الماضي. وقد يستغرق تنفيذ الاتفاق مدة تصل إلى شهرين.