بعد انتهاء الخطابات الرنانة؛ دقَّت ساعة الحقيقة بالنسبة لوزراء 195 دولة بدأوا أمس إسراع الخطى وسط أجواءٍ إيجابيةٍ للتوصُّل إلى تفاهماتٍ لإبرام اتفاقٍ حول المناخ. ويُرتقَب إعداد مسودة جديدة للاتفاق اليوم الأربعاء. ويُفترَض أن يخرج مؤتمر الوزراء ال 195، الذي بدأ الأحد قبل الماضي في باريس، بتوافقٍ عالمي لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري التي باتت تأثيراتها ملحوظةً مثل الجفاف وذوبان الكتل الجليدية وارتفاع مستوى البحار وغيرها. وخلال الأسبوع الأخير الذي سُمِّيَ «أسبوع الأمل»؛ مارس رئيس المؤتمر وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، ضغوطاً على المشاركين من أجل إعداد مشروع اتفاقٍ جديد بحلول اليوم بعد تقديم خلاصةٍ عن أعمالهم مساء أمس. وفي حديقة المَعارِض في بلدية لوبورجيه الباريسية؛ يعمل المفاوضون كخلية نحل بين مشاورات ثنائية رسمية وغير رسمية واجتماعات موسعة لاستعراض ما آلت إليه الأمور جماعياً. ويظلُّ توافق الدول ال 195 ضرورياً في هذه العملية، لاسيما أن الثقة بين بلدان شمال العالم وجنوبه تبقى مكتسباً هشاً بعدما تزعزعت في الماضي خصوصاً في مؤتمر مماثل في كوبنهاغن عام 2009. ورحَّب الموفدون والمنظمات غير الحكومية منذ الإثنين الماضي ب «روحية التعاون وإرادة الوفاق» التي تُحرِّك مؤتمر باريس حتى في غياب أي تقدُّم إلى الآن. وتحدثت السفيرة الفرنسية، لورانس توبيانا، التي تُشرِف على تنظيم المحادثات عن «تقدُّم المفاوضات حول كل الأمور»، موضِّحةً «ليس هناك أي موضوع مُعطَّل في هذه المرحلة، فجميع الأطراف حتى الدول المعروفة بأنها الأكثر صعوبة تقول لنا: نريد المُضيّ قُدُماً». واعتبر وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، أنه «على الرغم من وجود نقاط صعبة يتوجب علينا حلها؛ فإنني مقتنع بأننا نستطيع التوصل إلى ذلك». وذكر أن بلاده اضطرت في عام 2014 إلى إنفاق 126 مليار دولار لإصلاح الأضرار التي خلَّفتها 8 أعاصير. وتناول كيري أيضاً مشاهد الدمار في الفلبين بعد مرور الإعصار العنيف هايان، وقال محذِّراً «هذا ما سيكون عليه مستقبلنا إن لم نسيطر على هذا الوحش الذي خلقناه». ووُصِفَ يوم أمس الثلاثاء ب «المفصلي في مؤتمر المناخ»، بحسب مستشار بعض الدول الإفريقية، براي بيار رادان. وأفاد رادان بقوله «ندخل في اللحظات الجدية وقد يكون ذلك معقداً». وتبدو لغة التوافق بعيدةً الآن رغم أنها وسمت خطابات رنانة لقادة 150 دولة عند افتتاح القمة في 30 نوفمبر الفائت. ولاحظت الباحثة في معهد الموارد العالمية الأمريكي، جنيفر مورغان، أن المفاوضين «بدأوا في نهاية المطاف التصدي للمواضيع الصعبة، وهذا جيد، فهناك مساومات معقدة وهي أمر محتوم. والملفات الشائكة كثيرة على طاولة المفاوضات، وهي معروفة. ويطالب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بعدم اقتصار تمويل السياسات المناخية لدول الجنوب على الدول الصناعية. وترد البلدان النامية بأن على نظيرتها الصناعية الوفاء بوعود قطعتها في الماضي. وعبَّر وزير البيئة الهندي، براكاش جافديكار، عن خيبة أمله أمس لتعهدات البلدان المتطورة، وطالب مع نظرائه الصيني والبرازيلي والجنوب إفريقي ب «زيادة كبيرة» للمساعدة المالية الموعودة. وثمَّة نقطة صعبة أخرى، وهي المراجعة المنتظمة للتدابير الآيلة إلى خفض انبعاثات الغازات الدفيئة، التي تُعد غير كافية في هذه المرحلة لاحتواء ارتفاع حرارة الأرض دون عتبة درجتين مئويتين قياساً إلى حقبة الثورة الصناعية. وموعد إجراء المراجعة الأولى يثير الجدل بحد ذاته. في هذا الصدد يؤكد العلماء أنه للبقاء تحت عتبة درجتين مئويتين ينبغي بلوغ انبعاثات الغازات السامة أقصاها في وقت سريع جداً. وفي هذه المرحلة؛ يتجه العالم نحو الثلاث درجات مئوية في تخطٍ للعتبة التي تحتملها عديد من الأصناف والمنظومات البيئية. ويلفت الأمريكي إيليوت ديرينغر، المراقب منذ مدة طويلة للمفاوضات إلى «وضوح أطر المفاوضات رغم أن التقدم ليس كبيراً وهذا ليس مفاجئاً، فلا شيء مكتسباً قبل إنجاز كل شيء».