يجلس ابنك على الغداء، يتناول الطعام بيده اليمنى، وباليسرى الجهاز الذكي، يبتسم وهو يحاكي الجهاز بتطبيقات عديدة مثل واتساب وفيسبوك وسناب شات وغيرها من برامج التواصل الاجتماعي، يتناول لقمة وذهنه مشغول بالتقنية، جهاز محمول «لابتوب» وكمبيوتر لوحي Ipad وغيره من الأجهزة الذكية التي تحيط به ويسمع عنها بالمدرسة والجامعة، كل الجيل الحالي والقادم يعيش بجو تقني، تسرق عقله الألعاب التقنية التي فيها مغامرات وتحديات تستهوي الشباب، هذه المغامرات تعرض بأسلوب مُسلٍّ وطريقة جذابة. في هذه الأجواء من التطور التقني وقنوات التواصل الاجتماعي الذي يتيح الاتصال مع كل بقاع العالم يتواصل مع مختلف الثقافات. يعيش الطفل والمراهق والشاب في بيئة الثورة المعلوماتية حتى أنهم لا يسمعون إلا مصطلحات التعليم الإلكتروني والتدريب عن بعد، أصبحت مصادر المعرفة في متناول اليد بل هي من تلاحقه وتزوده بكل معلومة يريدها أو لا يرغبها، يستطيع أبناء الجيل أن يكسبوا مختلف المعارف والتجارب من أي جهة من خلال الإنترنت. ماذا نتوقع من أجيال تعيش في عالم الإنترنت وتحيطهم مصطلحات التقنية ووسائل التواصل الاجتماعي على تفكيره بحيث تكونت لديه ثقافة مستمدة من الإعلام الفضائي وأدوات التواصل الاجتماعي. لا ينبغي أن نغفل أن نسبة الإعلام الفضائي وإعلام التواصل الاجتماعي أثرت تربويا بنسبة أكبر من الأسرة والمدرسة، اضمحل تأثير التقاليد والأعراف في شخصية الفرد، بل تكاد لا تذكر، أصبح ابن هذا الجيل مواليا للتقنية وثورة الاتصالات. ما ذنب هذا الجيل وأبناء المستقبل أن نفرض عليهم واقع أجدادهم وآبائهم في شؤون الحياة، يحرموا من نشاطات اجتماعية وثقافية وعلمية واقتصادية، أغلب البرامج والمشاريع تقدم من خلال الحكومة الإلكترونية وبمعظم الدول العربية نسبة الفترة العمرية الشبابية لا يقل عن %60 من السكان. إذا لم نكيف برامجنا الاجتماعية والثقافية والتعليمية وكل ما يتعلق بالنشاطات سيفقد المجتمع %60 من الطاقات والمواهب. مهارات أكثر من %50 معطلة بسبب عدم ملاءمة المشاريع والبرامج التنموية لتفكير الشباب وميولهم واتجاهاتهم وتعليمهم وتدريبهم. التقنية وبرامجها وأدواتها هي بيئة الإبداع والابتكار، فدول كثيرة ينمو دخلها الوطني على الاقتصاد التكنولوجي مثل الهند والصين وسنغافورة. كم من المليارات تهدر وتفقد لعدم وجود بنية تحتية تقنية تلبي مطالب الشباب في إفراغ مواهبهم فيها وتحقق طموحاتهم الذهنية بالمساهمة في التنمية الوطنية.