استقبل مركز علاج العقم والمساعدة على الإنجاب في مستشفى د. سليمان الحبيب في العليا مريضة محولة من خارج منطقة الرياض تعاني من عقم أولي نتيجة وجود تكيسات كبيرة الحجم على المبيضين وانسداد كامل للأنابيب بشكل يجعل الحمل عملية صعبة جداً وغير مضمونة النجاح وتتطلب كثيراً من الوقت، وقد ترددت على عديد من المستشفيات لفترة طويلة وتعذَّر علاجها، خاصة أنها في أواخر الثلاثينيات ولم يسبق لها الإنجاب. وفور وصول المريضة لمركز د. سليمان الحبيب لعلاج العقم استقبلها الدكتور صالح العسيري استشاري أمراض وجراحات العقم والمساعدة على الإنجاب وجراحات المناظير المتقدمة، الذي قام بدراسة تاريخها المرضي بعناية وأجرى لها الفحوصات المخبرية الدقيقة والإشعاعية وقياس نسبة مؤشرات الأورام في الدم، وقد أظهرت النتائج ضخامة حجم الكيسين ووجود التصاقات شديدة محيطة بالكيسين والمبيضين والأنابيب، وفي ضوء نتائج التحاليل والفحوصات قرر د. العسيري ضرورة استئصال التكيسات وإعادة فتح الأنابيب عن طريق إجراء عملية المنظار الجراحي رغم صعوبة وتعقيد مثل هذا الإجراء، نظراً لما يتطلبه من مهارة فائقة وخبرة في التعامل مع مثل هذه الحالات التي تعدُّ نادرة وبالغة الصعوبة، بجانب القدرة على اتخاذ قرارات سريعة وحاسمة بناء على معطيات العملية. وأوضح د. العسيري أنه تم إجراء عملية المنظار الجراحي وذلك من خلال الاقتصار على عمل ثلاث فتحات صغيرة في البطن لا يتجاوز طول الواحدة منها 1 سم، وذلك لإدخال المنظار والكاميرا الجراحية المصاحبة له والأجهزة المتخصصة والأدوات الجراحية الدقيقة من خلالها، مشيراً إلى أنه تبين مبدئيّاً أمران؛ الأول: هو كبر حجم الكيسين والتصاقهما وامتزاجهما بأنسجة المبيض السليمة في الجهتين مما زاد من صعوبة العملية للحاجة الشديدة للاحتفاظ بالمبيضين، وفي نفس الوقت تجنب تعرض المريضة لمضاعفات خطيرة قد تهدد حياتها لا سمح الله، التي قد تشتمل على انفجار أحد هذه الأكياس نظراً لضخامة حجمه داخل تجويف البطن والحوض، مما قد يسبب تسمماً في الدم وهبوطاً حادّاً في الدورة الدموية، أو التفاف أحد الكيسين على المبيض وما قد ينجم عنه من غرغرينا «هي انقطاع وصول الدم إلى الخلايا والأنسجة مما يؤدي إلى موتها» في المبيض مما يفقده وظائفه الحيوية بشكل كامل لا يمكن استرجاعه. وقد تم استخراج ما يزيد عن 15 لتراً من السوائل من هذين الكيسين. أما الأمر الثاني الذي اتضح بشكل مؤكد أثناء العملية فتمثَّلَ في وجود انسداد كامل في الأنابيب، وتم بحمد الله إعادة فتحها من جديد بشكل ناجح جدّاً، وتم فك الالتصاقات المحيطة بالأنابيب والمبيضين، والتأكد من سلامة تجويف وبطانة الرحم وخلوها من أية أمراض مصاحبة للتكيسات وانسداد الأنابيب، بالإضافة إلى التأكد من سلامة الفتحات الداخلية للأنابيب من جهة تجويف الرحم وذلك من خلال إجراء عملية منظار للرحم. وأفاد د. العسيري إلى أنه في مثل هذه الحالات تُعدُّ العمليتان مكملتين لبعضهما، مما يزيد بشكل كبير من فرص نجاح التشخيص والعلاج وفرص الحمل الطبيعي في الأشهر الأولى التي تلي إجراء العمليتين. وأضاف د. العسيري الحاصل على الزمالة الكندية والبورد الأمريكي في أمراض العقم وتأخر الإنجاب وجراحات المناظير المتقدمة وزمالة الكلية الأمريكية للجراحين، أن العملية استغرقت حوالي ثلاث ساعات وتمت بنجاح تام ولله الحمد ودون أية مضاعفات، على الرغم من تعقيد الحالة واللجوء للاختيار الأصعب ولكنه الأنسب للمريضة وهو المنظار الجراحي، لأنه عادة ما يصاحب فتح البطن مضاعفات كثيرة مثل الالتهابات وانفتاح الجروح والنزيف والشعور بألم شديد بعد العملية يستمر لفترة طويلة مما يؤخر عودة المريضة لمزاولة نشاطها المعتاد. هذا وقد خرجت المريضة من المستشفى بكامل صحتها في اليوم التالي للعملية وعلاماتها الحيوية مستقرة، وقد استعادت كامل قدرتها على الحمل الطبيعي.