اقتربت انتخابات المجالس البلدية وكَثُرَ الكلام عن صلاحيات هذه المجالس! أظن أن الصلاحية التي لم تعط، إلى الآن، للمجالس البلدية -في النظامين، القديم والجديد- هي صلاحية الوزير في تعيين، وإعفاء رئيس البلدية. الصلاحية الأخرى، التي لم تحظ بها المجالس البلدية، هي صلاحية وزارة المالية، ومجلس الوزراء، في إقرار ميزانية البلدية التابعة لها. السر -حسب ظني- في فشل المجالس البلدية في تحقيق تطلّعات ناخبيهم هو عجز الأعضاء عن فهم دورهم الحقيقي في منظومة البلدية التي تتبع لهم. هذا الفشل ساهم في خفض نسبة المشاركة الشعبية في الانتخابات الثانية، وأظنها «نسبة المشاركة» ستنخفض أكثر في هذه الانتخابات القادمة برغم مشاركة المرأة فيها ناخبة ومرشحة للمرة الأولى. نظام المجالس البلدية الجديد أبقى على النظام القديم: «نظام البلديات والقرى الصادر بالمرسوم الملكي الكريم رقم م/5 في 1397/2/21ه المبني على قرار مجلس الوزراء رقم 130 التاريخ 1397/2/6ه»، ما عدا الفقرتين «ب» و»ج» من المادة الثانية، من الفصل الأول من الباب الأول، المتعلقة بتعيين مجالس بلدية مؤقتة للبلديات المستجدة؛ والفصل الثاني من الباب الثاني المتعلق بانتخابات المجالس البلدية التي حدّثها النظام الجديد، وحسّنها. المادة الخامسة من الباب الأول، الفصل الثاني، وظائف البلدية، من «نظام البلديات» المشار إليه في الفقرة السابقة، وهو النظام الذي كوّنت بموجبه المجالس البلدية في الدورتين الأولى والثانية، تحدد مهام وصلاحيات البلدية؛ وتُعدّد إحدى وعشرين وظيفة مناطة بالبلدية، من بينها «تحديد مواقف الباعة المتجولين» (الفقرة 10)، «حماية الأبنية الأثرية بالتعاون مع الجهات المختصة» (الفقرة 15)، و»تشجيع النشاط الثقافي، والرياضي، والاجتماعي، والمساهمة فيه بالتعاون مع الجهات المعنية» (الفقرة 16). ثم، في الباب الثاني، الفصل الأول، سلطات البلدية، المادة السادسة: «يتولى السلطات في البلدية»، أولا: «المجلس البلدي ويمارس سلطة التقرير والمراقبة»؛ وثانيا: «رئيس البلدية ويمارس سلطة التنفيذ بمعاونة أجهزة البلدية». فإذا كانت البلدية هي «شخصية اعتبارية ذات استقلال مالي وإداري» (بموجب المادة الأولى، من الفصل الأول، من الباب الأول)، فإني أرى بأن المجلس البلدي يكون بمنزلة «مجلس الإدارة» لتلك الشخصية الاعتبارية المستقلة، الذي يتمتع ب «سلطة» اتخاذ القرارات فيما يتعلق بمشاريع وخطط البلدية الاستراتيجية (التقرير)، ومراقبة تنفيذ تلك القرارات، وجودة تنفيذها؛ ورئيس المجلس، يكون بذلك، هو «رئيس مجلس الإدارة». أما رئيس البلدية – ولأنه عضو في مجلس الإدارة – فيصبح «العضو المنتدب/ المدير التنفيذي»، وهذا ما يعنيه النظام ب «سلطة التنفيذ». فهو -رئيس البلدية- يتبع، عمليا، للمجلس البلدي، ومنه يتلقى التوجيه؛ وعليه مسؤولية تنفيذ ما اتفق عليه من خطط في المجلس، كونه عضوا فيه. وعلى جودة التنفيذ تكون رقابة المجلس بعدئذ. النظام الجديد أعاد التأكيد -في المادة الثالثة من الفصل الأول- على أن «يمارس المجلس سلطة التقرير والمراقبة.. في حدود اختصاص البلدية المكاني». لكنه (النظام الجديد)، في المادة الرابعة من الفصل الثاني، أوضح، أيضاً، أن المجلس البلدي يتولى «إقرار الخطط والبرامج البلدية (التي تشمل): تنفيذ المشاريع البلدية المعتمدة في الميزانية، تنفيذ مشاريع التشغيل والصيانة، تنفيذ المشاريع التطويرية والاستثمارية، وبرامج الخدمات البلدية ومشاريعها». وبالإضافة إلى التقارير الواجبة على الجهاز التنفيذي تقديمها بصورة دورية، أو عند الطلب منه، إلى المجلس، فإن من بين واجبات المجلس البلدي، أو لجانه، القيام بزيارات «للاطلاع على المشاريع البلدية»، حسب الفقرة السابعة من المادة الثامنة، من الفصل الثاني. لقد كان المجلس البلدي، وأصبح بهذا التوضيح، مسؤولاً مسؤولية مباشرة -أمام الوزير، والجمهور- عن إقرار، وتنفيذ، جميع مشاريع البلدية؛ فلا يمكن له، بعد هذا الوضوح، أن يتعذر بعدم تعاون الجهاز التنفيذي «الذي يشرف عليه في الأصل» معه. فهو الذي يقرُّ الخطط الاستراتيجية والمشاريع، وهو الذي يراقب تنفيذها من حيث الأولوية والجودة. الجمهور يحاسب المجلس البلدي على تقصير الجهاز التنفيذي، والمجلس يحاسب الجهاز التنفيذي -ممثلا برئيس البلدية- مباشرة، أو عبر صلاحيات الوزير، إذا استعصى التعاون، واستعصت الاستجابة.