قد تتمكَّن من جلب الشهرة لطفلة صغيرة دون سن العاشرة، وإغوائها بالنجومية باستخدام أدوات بسيطة، كأن تجلب لها فستاناً بألوان لافتة، وبعضاً من أدوات المكياج، وأحمر الشفاه، وتدريبها على بعض الحركات والرقصات والكلمات اللافتة، وبذلك يمكنك أن تحصل على عرض مميز وجمهور عريض، وحمى تداولٍ لهذا المقطع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قد تتجاوز المعقول، ولكن ما يجب أن تعرفه هو أن هذه الأساليب هي انتهاك لحقوق الطفولة بسبب تشجيع الصغيرات على مثل هذه الممارسات بهدف الاستعراض، وجلب الشهرة، وأنها تعتبر جريمة في حق الطفولة، لأنها تؤدي إلى إخراج الصغيرات من عالم الطفولة بهدف الوصول إلى الشهرة مع تجاهل وجود قوانين رادعة تحمي الأطفال، حيث يحق لأي شخص أن يرفع قضية ضد مَنْ قام بتصوير أطفاله دون علمهم، كما يحق لأحد الأبوين إذا كانا على خلاف، وقام الآخر بنشر مقطع للطفل دون علم الطرف الثاني، رفع قضية عليه، فاستغلال الأطفال في مثل هذه المجالات أمر يعاقب عليه القانون، ويعتبره انتهاكاً لحقوق الطفل، ويندرج تحت «الإيذاء الجسدي»، بحسب القانون المتعارف عليه في بعض الدول وفق المادة 36 من اتفاقية حقوق الطفل، التي تنص على أن «تحمي الدول الأطراف الطفل من سائر أشكال الاستغلال الضارة بأي جانب من جوانب رفاه الطفل». كل ذلك يستوجب يقظة المجتمع لمثل هذه النماذج، التي حوَّلت الأطفال إلى مجرد أدوات لصناعة الشهرة، وتنشئتهم على الاستعراض، واستغلالهم ليكونوا مجرد أدوات ترفيه للكبار، وتاجرت بطفولتهم، وبراءتهم دون أن يملكوا حق الدفاع عن حياتهم، وصورهم، وما وهبهم الله لهم من أمور إبداعية. إن هناك حاجة ماسة إلى الالتفات إلى حقوق الأطفال، والتصدي لمثل هذه الظواهر، التي تحصر قدرات الطفل ومهاراته في استعراضات، تبثها وسائل التواصل الاجتماعي، وتهدف إلى تحقيق أكبر نسبة مشاهدة ومتابعة دون النظر إلى ما يمكن أن تؤثره سلباً على خصوصيته، وطريقة تصوره وتفكيره، وهي لا يمكن أن تدلل على الاهتمام بالطفل ورعايته، أو تندرج تحت كونها تنمية لموهبته، وإنما تدخل ضمن إطار الاستغلال المادي والمعنوي، و»تدوير عقلية الطفل»، وإقناعه بأنه النجم المرتقب. إننا نحتاج إلى قراءة جديدة لواقع الطفل العربي، ومعرفة مميزاته، ليس باعتبارها أداة للظهور، وإنما يجب تحويلها إلى نماذج إبداعية وابتكارية واعدة، واستثمارها ضمن القنوات، التي تحقق له النجاح دون إسقاط فكرة الشهرة والنجومية عن شخصية الطفل، بل يجب التنبه إلى جوانبه الإبداعية، التي يمكن أن تُنتج أهم المخترعين والمبدعين في عالمنا العربي.