يتشدقون بالجهل الذي ارتوت منه عقولهم، ويتباهون بالمراجع التي أصبحت مقياس تعاطيهم مع الآخرين، ينبذون مايخالف جهلهم حتى لو كان حقاً، ويمجدون ما يتوافق معهم وتستهويه نفوسهم حتى لو كان باطلاً، أبعد ما تصل إليه أعينهم لا يتجاوز نطاق القبلية المقيتة، وأكثر ما تتسع له عقولهم لا يزداد عن كونه (هياط) مستفحل يستتر خلفه الجهل. عجز التعليم أن يفهم تلك العقول بأننا وطن واحد بكل مكوناته ومتغيراته، وعجزت كل بوادر النهوض أن ترتقي بها لتستوعب أننا اليوم نشكل نسيج المجتمع المتصالح لبعضه، نتطلع للأمام وتتشبث عقولهم بالرجعية لتعيدنا إلى الوراء حيث التخلف والضياع. تصورنا أننا بالوعي والنهوض الفكري والثقافي والاجتماعي ستتلاشى تلك العصبية والعنصرية، ونعالج مجتمعنا من دائها، إلا أنها ما زالت توحي لنا بأنها مستمرة عبر توظيف كل المنصات الإعلامية الممكنة لتبث من خلالها تعصبها ونعراتها القبلية لتخلق عنصرية فتاكة تؤجج التفرقة والتنافر. ما زال مسلسل التعصب والنعرات الذي بدأته مواقع التواصل الاجتماعي والفضائيات التي لا تتوقف عن ضخ المديح والتنفيخ وموضة الشيلات التي انتشرت مؤخراً بشكل لافت تتغنى بأمجاد القبيلة وذكر صولاتها وجولاتها في صورة مبالغ فيها، حتى تطورت وزحفت لتتزاحم في صالات الأعراس النسائية في التسابق على التراقص في ذكر الأمجاد الهالكة في زمن الجهل والضياع مصحوبة بصيحات وزغاريد التفاخر. من المؤسف أن يتفشى بيننا من يحرضون على إثارة النعرات وإذكاء القبلية في صور لا تنم إلا عن كراهية وتشويه للوطن الذي عرف بقوة تماسكه، يحاولون بجهلهم تمزيق النسيج الواحد، غير مبالين للمرحلة الحرجة التي تتطلب أن نكون جميعنا على قلب رجل واحد، وتحت مظلة الوطن فلا مكان لتلك القبلية التي تغذي التعصب والجهل لعقول تنخر في وحدتنا.