في حين يتوجس المجتمع الدولي مع اقتراب أي انتخابات رئاسية في دول العالم وما يتبعها من تحول في بعض السياسات والتوجهات بحكم تنوع الأحزاب والأيديولوجيات للزعماء الجدد، نجد في المقابل ثباتاً سياسياً في المملكة العربية السعودية بالرغم من تغير أشخاص العرش السعودي، هذا الثبات ليس شعاراً رمزياً بل واقع تدل عليه الشواهد على مدى العقود الماضية. الثبات الذي أعنيه ليس تطابق وجهات النظر كلياً على وتيرة واحدة خلال تلك الفترة الزمنية الطويلة فهذا يتنافى مع طبيعة المتغيرات على الساحة العالمية وتحدياتها التي تتطلب رؤية مختلفة بحسب الظروف المحيطة، لكن ما قصدته الإصرار على التمسك بالمبادئ الإسلامية ومُثلها السامية وتظهر في صدق الكلمة السعودية ووضوحها وحسن النية وسلامة المقصد والوفاء بالعهد، والالتزام بالقيم العربية النبيلة بالذود عن حمى الجار ومناصرة المظلوم وإعانة المحتاج وهذا ما عُرفت عنه السياسة السعودية لدى جميع أشخاص المجتمع الدولي، وسيجد المتتبع للشأن السعودي أنها حرصت أيضاً على أن تنأى بنفسها مع الجميع عن الصراعات وسعت دوماً لتجاوز الخلافات وسارعت للتصافي واتخذت طاولة الحوار سبيلاً لذلك. كل ذلك نجده جلياً في المواقف والتحديات التي واجهت المملكة منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، وهو الذي خلق تلك الثوابت وسعى لإرسائها حتى استوطنت في نفوس أبنائه الملوك الذي حملوا المسؤولية من بعده، الذين سعوا بالمقابل لنقلها وتعليمها لأبنائهم من بعدهم، ولنا في الأمير سعود الفيصل الذي حمل على عاتقه إدارة الملفات الخارجية خلفاً لوالده الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله خير شاهد على ذلك، إضافة إلى الأمير نايف بن عبدالعزيز رحمه الله الذي أورث لنجله سمو ولي العهد الأمير محمد بن نايف مهمة صناعة الاستقرار في زمن القلاقل والاضطرابات، لأختم بسمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان التلميذ النجيب لجامع الخبرات ومنارة الحكمة الملك سلمان بن عبدالعزيز، هذا التسلسل في إسناد تلك الثوابت كان مربط الفرس ومكمن السر في ثبات تلك السياسة السعودية الأصيلة التي قاومت تطورات أساليب السياسة التي لا تكاد تخلو من الزيف والخداع والدهاليز الملتوية.