حذَّر مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، المسلمين من الانقياد وراء الأباطيل والأكاذيب، مؤكداً أن الكذب أصل كل فساد ومصدر كل بلاء ولا يتفق مع أخلاق المؤمنين، فهو يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار. لافتاً إلى أن الكذب تسبب في إساءة العلاقة بين القادة وشعوبهم، كما تسبب في قطع الأرحام بين الناس، وفرَّق بين الزوجين وهدم البيوت. وما نشأت البدع والخرافات بين المسلمين إلا بالأكاذيب، وما كانت مهاجمة الوحي وسب الصحابة إلا بسبب الكذب، وما مُلِئت الشاشات التلفزيونية والقنوات الفضائية إلا بالكذب والافتراء. وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها في جامع الإمام تركي بن عبدالله أمس إن المؤمن يجب عليه أن يكون صادقاً أميناً لا كذاباً ولا خائناً، ومن مفاسد الكذب أنه من أخلاق المنافقين، يقول الله جل وعلا «فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقَاً فِي قُلُوبِهِمْ إلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللهَ مَا وَعَدُوهُ وبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان». وأكد المفتي أنه لا يوجد ما يسمى «كذباً أبيض» لأن الكذب محرم عند الله إلا فيما استثنى فيه صلى الله عليه وسلم للإصلاح بين الناس كأن تُصلح بين أخوين أو بين صديقين، وأيضاً حديث الرجل لامرأته حديث المحبة والمودة كما جاء في الحديث «لا يجوز الكذب إلا في ثلاث في الحرب والإصلاح بين الناس وحديث الرجل لامرأته». ولفت إلى أن من مفاسد الكذب أيضاً أنه يفضح صاحبه يوم القيامة وتظهر آثار الكذب عليه، قال جل وعلا «وَيَومَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوَىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ»، كما أن من مفاسد الكذب الشك وعدم تصديق الناس الكذاب وإن كان محقّاً لأنهم شكوا في صدقه، يقول صلى الله عليه وسلم «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك فإن الصدق طمأنينة وإن الكذب ريبة». وعدَّد المفتي صور الكذب قائلاً: إن للكذب صوراً متعددة ومجالات كثيرة، منها الكذب على الله بأن يخبر عن الله خلاف الواقع، قال جل وعلا «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبَاً أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللهُ.. الآية»، ومن ذلك أن يفسر كلام الله على خلاف المراد لنا فهذا من الكذب والزور والتدليس، كما أن من أنواع الكذب أن ينسب إلى الله تحريم شيء أو حله يقول الله عز وجل «وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ». وقال إن من أنواع الكذب، الكذب على محمد صلى الله عليه وسلم لأنه من كبائر الذنوب كونه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، وقال إن الكذب عليه افتراء، حاشاه صلى الله عليه وسلم، سواء كان هذا في جانب الترغيب أو الترهيب والوعظ والنصائح أو في جانب الأحكام الشرعية، كل ذلك سواء، يقول صلى الله عليه وسلم «إن كذباً عليَّ ليس ككذب على أحد من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار»، كما أن من صور الكذب أيضاً على الله اليمين الكاذبة كأن يقول: ما كان هذا الشيء أو ما وقع هذا الشيء وهو خلاف الواقع لكن يحلف كذباً وباطلاً، والكذب لإضحاك الناس وتسليتهم، يقول صلى الله عليه وسلم «ويلٌ للذي يحدِّثُ بالحديثِ ليُضحكَ به القومَ فيكذِبُ ويلٌ لهُ ويلٌ لهُ». وأشار إلى أن المبالغة في المدح والثناء على الإنسان بما ليس فيه قد يكون فيه شيء من ذلك، لكن المبالغة في المديح والثناء مما يكبر في نفسه من أنواع الكذب، ومن الكذب أيضاً أن يُريَ عينيه ما لم تريا، يقول صلى الله عليه وسلم «مِنْ أَفْرَى الفِرَى أن يُريَ الرجلُ عينيه ما لم تَرَيا». وأوضح أن من الكذب نشر الأكاذيب وأنت تعلم أنها كذب، يقول صلى الله عليه وسلم «من حدَّث حديثاً يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين»، كما أن من أنواع الكذب، الكذب على الصغار من الأمهات والآباء يخبرونهم بخلاف الواقع فينشأون ينطقون الكذب. كما أن من الكذب أيضاً شهادة الزور، وقال إن شهادة الزور مبنية على الكذب والافتراء والظلم والعدوان، مستشهداً بقول الله عز وجل «فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّور». كما أن إعلانات السلع والترويج لها بالأكاذيب والأباطيل نوع من أنواع الكذب، كأن يقول المعلن صفاتها كذا وميزاتها كذا وهي خلاف ذلك ويحلف بالله على أن إعلانه صدق وحق وهو كذب وباطل ليأخذ أموال الناس ظلماً وعدواناً.