بدأت السلطات العراقية تحقيقاً في قصفٍ تعرَّض له مخيَّمٌ لمعارضين إيرانيين قرب بغداد ما أوقع أكثر من 20 قتيلاً بينهم، فيما تبنَّى فصيلٌ مسلحٌ موالٍ لطهران الهجوم الذي نُفِّذَ بالصواريخ، في وقتٍ دفعت الظروف الجويَّة إلى وقف عمليات تحرير مدينة الرمادي الواقعة تحت سيطرة تنظيم «داعش». وأفاد مصدرٌ أمنيّ بارز ببدء إجراءات التحقيق حول القصف الذي طال مساء أمس الأول مخيَّم منظمة «مجاهدي خلق» الواقع في قاعدة عسكرية أمريكية سابقة قرب مطار بغداد. وأعلنت المنظمة، التي تناهض النظام الإيراني منذ عقود، مقتل 20 من أعضائها على الإثر. وأقرَّت قيادة العمليات في العاصمة العراقية بأنه «تمَّ إطلاق 15 صاروخاً من منطقة البكرية إلى محيط وداخل مخيم ليبرتي»، مشيرةً إلى «عثور الشرطة على الشاحنة التي أُطلِقَت منها الصواريخ». و»التحقيق مستمرٌّ حالياً للكشف عن الجهة المسؤولة»، بحسب المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة على مستوى البلاد، العميد يحيى رسول الزبيدي. ويأوي مخيم ليبرتي أعضاء «مجاهدي خلق» الذين طُرِدوا من بلادهم بعد اندلاع ثورةٍ فيها عام 1979. وقدَّم المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية حصيلةً مختلفة لعدد القتلى والصواريخ، إذ تحدث عن 23 قتيلاً بعد تعرضهم ل 80 صاروخاً، لافتاً إلى إصابة عشرات آخرين بجروح. ووصفت «مجاهدي خلق» الهجوم ب «الأسوأ» منذ وجود عناصرها في المخيم بعد انسحاب القوات الأمريكية منه في عام 2011. لكن العميد الزبيدي لم يؤكد الحصيلة التي قدَّمها مجلس المقاومة، واكتفى بالإشارة إلى إصابة جنديين عراقيين بجروح. ورجَّح الزبيدي أن لا يكون «ليبرتي هو المكان الوحيد المستهدَف لأن الصواريخ أصابت مواقع عدة حول المطار». وأضاف أن قوات الأمن عثرت على شاحنة في منطقة البكرية القريبة ثُبِّتَت عليها قاعدة إطلاق، عادَّاً المنفذين إرهابيين ينتمون إلى عصابة إرهابية «بهدف زعزعة أمن البلاد»، فيما قالت «مجاهدي خلق» إن الصواريخ التي استُخدِمَت من طرازَي «كاتيوشا» و»فلق» وصُنِعَت في إيران. ووقفت هذه المنظمة إلى جانب صدام حسين خلال حربه مع النظام الإيراني في ثمانينيات القرن الماضي. لكن الاجتياح الأمريكي للعراق في عام 2003 أدى إلى وصول قادةٍ على علاقةٍ جيدةٍ مع طهران إلى الحكم خلفاً لحسين. ودانت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، في بيانٍ لها، الهجوم، مُقدِّرةً عدد من يقيمون في «ليبرتي» بحوالي 2200 لاجئ. وقالت المفوضية «إنه عمل مستهجن»، مبديةً قلقها الشديد «من الأضرار التي لَحِقَت بالذين يعيشون هناك». وعبَّرت الولاياتالمتحدة عن موقفٍ مماثل، إذ ندد وزير خارجيتها، جون كيري، بالهجوم «الوحشي والعبثي». وأوضح أن بلاده أجرت اتصالات مع كبار المسؤولين العراقيين «للتأكد من أن السلطات تقدِّم كل المساعدة الطبية العاجلة الضرورية»، داعياً إلى «اتخاذ إجراءات أمنية إضافية بعد هذا العمل». في الإطار ذاته؛ أعلنت واشنطن عزمها مساعدة المفوضية العليا للاجئين لنقل سكان المخيَّم إلى «مكان دائم وآمن خارج العراق»، وحثَّت مزيداً من الدول على «التجاوب مع هذا الوضع الإنساني الطارئ». في المقابل؛ تبنَّى قائد فصيل «جيش المختار»، وهو تجمُّع عراقي مسلح موالٍ لطهران، هذا الهجوم الصاروخي. ونسبت وكالة أنباء «فارس» الإيرانية إلى قائد «جيش المختار»، واثق البطاط، قوله إن مجموعته حذرت أعضاء «مجاهدي خلق» وطالبتهم مراراً بمغادرة البلاد في أسرع وقت ممكن وإلا سيكون هناك المزيد من الهجمات. بدورها؛ حثَّت الأممالمتحدة حكومة بغداد على تشديد الأمن وملاحقة المسؤولين عن الهجوم ومحاسبتهم. في سياقٍ مختلف؛ أبلغ مصدر عسكري عراقي بارز عن وقف عمليات تحرير الرمادي، كبرى مدن محافظة الأنبار، بسبب سوء الأحوال الجوية وهطول الأمطار المتواصل في أغلب المناطق. وأعلن قائد علمليات الأنبار، اللواء الركن إسماعيل المحلاوي، أن «العمليات العسكرية توقفت بسبب الظروف الجوية». ولاحظ أن «الأمطار إضافةً إلى الرطوبة أدت إلى انفجار مئات العبوات الناسفة والمنازل المفخخة التي فخخها تنظيم داعش»، مبيِّناً أن «هذا العامل دفعنا إلى وقف عمليات تحرير الرمادي لتجنب وقوع خسائر (…) على أن تُستأنَف الأسبوع المقبل». ولفت ضابطٌ برتبة عميد في الجيش يوجد حالياً في الأنبار إلى «تسبب الظروف الجوية في توقف الإسناد الجوي الذي يقدمه الطيران الحربي». ويشهد العراق منذ مساء الأربعاء عاصفة هوجاء محملة بالأمطار الغزيرة التي اجتاحت مناطق واسعة خصوصاً في العاصمة ومناطق الغرب. ودفعت الأمطار إلى إجلاء آلاف النازحين الفارّين من معارك الأنبار بين القوات الحكومية و»داعش» بعد غرق مخيماتهم. ونجحت القوات الحكومية خلال الأسابيع القليلة الماضية في فرض سيطرتها على أغلب المناطق المحيطة بالرمادي التي استولى التنظيم الإرهابي عليها في منتصف مايو الماضي خلال هجومٍ استغرق 3 أيام.