هكذا يقول زهير بن أبي سلمى في معلقته الأدبية التاريخية، وها نحن نستعيد أبياتها ونأخذ هذا الشطر منها عنوانا لهذه المقالة، فهو جدير بالالتفات إليه في هذا الوقت تحديداً، لأننا نتابع الحرب التي تدور رحاها منذ أشهر في اليمن الشقيق بين الفرس وأتباعهم من جهة وقوات الشرعية اليمنية من جهة أخرى، وتحظى الشرعية اليمنية بدعم قوة التحالف العربي بقيادة السعودية لمساعدتها في تطهير الأراضي اليمنية من أتباع الحوثي وفلول «عفاش» المدعومة من إيران، منذ أشهر انطلقت طائرات الأباتشي والمدرعات والمصفحات في حرب عربية فارسية لا تبقي ولا تذر، ومع الأسف إن هذه الحرب تدور أحداثها في بلد عربي شقيق وعزيز علينا، والأضرار التي ستلحق به كبيرة، والتدمير سينال كل شيء، عزاؤنا في ذلك أن الأمر خطير جدا، ويستحق العناء، فلن تسمح اليمن والتحالف العربي بقيادة السعودية للميليشيات المدعومة من إيران بالسيطرة على دولة عربية مستقلة لها سيادتها، بل يجب أن يكون هناك إصرار قوي في ردعها، ولا بد من وضع حد للتدخلات الإيرانية في الشأن العربي، وكذلك الحد من طموحات فارس التوسعية في الشرق الأوسط، فإيران تسعى منذ زمن إلى تصدير الثورة لإذكاء روح الطائفية المذهبية لكي تحقق الأهداف المرسومة في نظرية المؤامرة الكبرى، فالمتابع لما يحدث في العالم العربي من تدمير للبنى التحتية، وتشتيت لشعوبه، وقتل لأطفاله، سيدرك جيدا لماذا وجدت قوة إيران في الشرق الأوسط؟ يقول «باير» أحد كبار المسؤولين السابقين بوكالة المخابرات الأمريكية في كتابه المسمى -القوة الإيرانية العظمى-: (إن الطريق الأوحد لإقامة الشرق الأوسط الجديد هو السعي لاندلاع حرب طائفية واسعة النطاق بين الشيعة والسنة)، وبالتأكيد ليست الأهداف دينية، وليس لها علاقة بالمذاهب، وليست الحرب بين الطوائف الإسلامية، وإنما الهدف الأكبر هو تفتيت اللحمة الوطنية العربية، وبث الحقد والكره والغل والحسد في نفوس الشعب العربي الواحد، والحرص على زعزعة الأمن الداخلي في أي دولة عربية تصل إليها أسلحتهم الإعلامية، بالإضافة إلى دعمهم للأحزاب المعارضة والميليشيات والجماعات الإرهابية المتطرفة، لتساعد في زرع القلاقل والفتن، وافتعال الحروب وبالتالي تسرح وتمرح في المنطقة وتسعى لمد نفوذها الخارجي في دول الخليج العربي، ودول الجوار كالعراق وسوريا ولبنان واليمن. وعندما يحتدم الوطيس لم يعد هناك مجال للعب بالأوراق ولم يتبق سوى النار والحرائق والموت الذي ينتظر المتحاربين، ففي أي حرب مهما كانت قوة الأطراف المتحاربة سيتم التدمير في الجانبين وفي هذه الحرب الدائرة في اليمن لا يوجد منتصر، فالجميع خاسر، لأن العرب والمسلمين هم المتضررون الوحيدون من جميع الحروب التي تشعلها إيران في المنطقة العربية بمساعدة الغرب وأمريكا، ودخول عناصر أخرى من دول الشرق الآسيوي في هذه اللعبة كالصين، وما ذلك إلا تأكيد على أن هناك مؤامرة لقتل العرب، فمنذ متى يتفق الروس والأمريكان والصينيون؟ المتابع للتحركات العسكرية الصينية مع الحملات الروسية نجد الصين في البيت الأبيض للحديث عن العلاقات السياسية، مما يعني أن الخطى التي قامت بها بكين، متزامنة مع الخطى العسكرية الروسية، والخطى السياسية الصينية المتمثلة في اللقاء الأمريكي للتعاون بينهما. ماذا نفهم من تلك اللقاءات والمشاورات، والانضمام العسكري بين هذه القوى؟ لا يمكن أن تكون بلا أهداف!! ولا يوجد هدف رئيس سوى ضرب العرب في مختلف الاتجاهات السياسية والاقتصادية وقد ظهر تأثير ذلك جليا في الشام والعراق ولبنان وليبيا، واليمن ودول الخليج العربي. في ظل هذه الأحداث التي تفتعلها إيران، لتنشغل الدول العربية والإسلامية عن قضيتها الأم، وتعطي فرصة ذهبية للعدو الصهيوني الإسرائيلي للتوسع وهدم القرى الفلسطينية على أهلها وحرق الهويات العربية في فلسطين وتبديل السكان العرب الأصليين بغيرهم من المرتزقة الصهاينة، وطرد العرب من بلادهم في الشام، وتهجيرهم إلى البلدان الأوروبية التي تفتح لهم أذرعتها ليس حبا فيهم وإنما هذا دورها في المخطط الصهيوني العالمي، وما يحدث الآن على أرض فلسطين من قتل وتدمير وإسالة دماء عربية إلا جزء من المخطط القديم، ومع الأسف مازال هناك من يصدق الإعلام الإيراني الكاذب الذي ينادي بشعارات الموت لأمريكا وإسرائيل. من هذا المنطلق يجب أن يكون الدور العربي قوياً وحازماً في مواجهة الاستراتيجية الإيرانية التوسعية، ولابد من وقفة صادقة لتحجيم دور إيران وصدها عن تنفيذ هذه المخططات «الصهيوفارسية»، فالقادم سيكون أسوأ إذا لم يقف العرب في وجه إيران ومنعها بالقوة من الاستمرار في العبث بمقدرات الشعوب العربية.