تصاعدت الاضطرابات أمس في العراق، حيث اتهم سياسيون أكراد رئيس إقليم كردستان شمالاً بتنفيذ «انقلاب»، في وقتٍ احتج تجَّار في البصرة جنوباً على رفع ضريبة المبيعات في المنافذ الحدودية الواقعة في مناطقهم. وأكدت مصادر منع رئيس برلمان إقليم كردستان، يوسف محمد، و5 من النواب التابعين لحركة «التغيير» من دخول مدينة إربيل صباح أمس وردِّهم عبر حاجزٍ أمني محاذٍ لمدينة السليمانية. لذا؛ اتهم السياسيون الممنوعون من الوصول إلى مكاتبهم في عاصمة الإقليم رئيسه، مسعود بارزاني، بتنفيذ انقلابٍ بعد أيام من اندلاع مظاهرات غاضبة ضد بقائه في منصبه كون ولايته انتهت في أغسطس الماضي. ويرأس بارزاني الإقليم منذ عام 2005، كما يتزعم الحزب الديمقراطي الكردستاني. وأفادت مصادر بأن قوة مسلحة من الحزب استوقفت رئيس البرلمان الكردي، يوسف محمد، و5 نواب من حركة «التغيير» المعارِضة عند حاجزٍ أمني. ويسيطر «الديمقراطي الكردستاني» على مناطق شمال وغرب الإقليم شبه المستقل، في حين يعدُّ جنوبه، أي محافظة السليمانية، معقلاً لأنصار «التغيير». وعقب منعه من الوصول إلى مقر البرلمان؛ شدد يوسف محمد على أن «هذا الانقلاب لن يؤدي إلى نتيجة». وأبلغ الصحفيين بقوله «الذي حدث عمل سلبي خطير في العملية السياسية». واعتبر محمد أن «القوة التي وضعها الحزب الديمقراطي لمنعنا من دخول إربيل تكفي لتحرير قضاء شنكال (سنجار) من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي». وسقط قضاء سنجار، معقل الطائفة الأيزيدية، بيد التنظيم العام الماضي. بدوره؛ وصف القيادي في «التغيير»، هوشيار عبدالله، سلوك الحزب الديمقراطي ب «غير مسؤول»، متهماً زعيمه ب «التمسك بالسلطة دون أي مبرر قانوني». ودعا عبدالله، وهو عضو في البرلمان الاتحادي، إلى التراجع عن «الانقلاب على الشرعية والديمقراطية»، لافتاً إلى وجوب التوقف عن «هذه السياسة الخاطئة». ودخل حزب الاتحاد الوطني الكردستاني المعارِض على خط الأزمة، وندد بالإجراءات المتخذة بحق نواب «التغيير». ووصفت النائبة عن الحزب في البرلمان الاتحادي، إلا طالباني، منع سياسيين من دخول إربيل ب «انقلاب سياسي غير مقبول». ومنذ بدء الاحتجاجات في السليمانية وأقضيتها خلال الأيام الماضية؛ قُتِلَ 4 أشخاص وأُحرِقَت مكاتب تابعة ل «الديموقراطي الكردستاني». جنوباً؛ تجمَّع عشرات التجار والمستوردين أمس أمام موانئ البصرة احتجاجاً على قرار رفع ضريبة المبيعات في المنافذ الواقعة في مناطقهم إلى 15% بدلاً من 3%، منددين باستثناء منافذ إقليم كردستان الشمالي. وباشرت وزارة المالية في حكومة حيدر العبادي تطبيق القرار منذ مطلع أغسطس دعماً للموازنة التي تعاني من تقشُّف إثر انخفاض عائدات النفط. وهتف عشرات المتظاهرين أمام الموانئ «كلَّا كلَّا للضريبة» و«لن تسرقنا يا زيباري» في إشارة إلى وزير المالية، هوشيار زيباري. وكان الأخير قرَّر أيضاً رفع نسبة التعرفة الجمركية، لكن احتجاجات مماثلة دفعت العبادي إلى التريُّث لحين تقديم دراسة شاملة. ولاحظ عضو مجلس محافظة البصرة رئيس لجنة المنافذ الحدودية، مرتضى الشحماني، ارتباكاً اقتصادياً في منفذ الجنوب «لأن المالية استمرت في فرض ضريبة مبيعات ورفعتها من 3 إلى 15%». وتراكمت أكثر من 10 آلاف سيارة في ساحات الميناء الرئيس في المحافظة بعد رفض المستوردين دفع مبالغ مرتفعة تُضاف إلى ضرائب مفروضة على استيراد المركبات. وبحسب مسؤول في مصلحة الضرائب؛ فإن «السيارة ذات الدفع الرباعي التي تبلغ قيمتها 60 مليون دينار (نحو 50 ألف دولار) كانت تدفع ضريبة مليون ونصف دينار (1200 دولار)، لكنها باتت الآن 16 مليون دينار (نحو 13.3 ألف دولار). واتهم المتظاهرون زيباري بتطبيق القانون حصراً على المنافذ الجنوبية دون المنافذ الشمالية، ما قد يؤدي إلى شلِّ حركة التجارة في الجنوب مقابل انتعاشها في الإقليم الخاضع لحكمٍ ذاتي. وقارنت عضوة اللجنة المالية في البرلمان الاتحادي، ماجدة التميمي، بين «3% ضرائب مبيعات في الشمال» و»15% في الجنوب»، منتقدةً ما اعتبرته تفرقةً حكومية في التعامل مع المنافذ الحدودية. أما المنافذ الأخرى في غرب البلاد وشمالها الغربي مثل طريبيل والوليد وربيعة، فلا تزال مغلقة. وأقرَّ مسؤولٌ كبيرٌ في مصلحة الجمارك، رفض الكشف عن اسمه، بأن «قرار زيباري يلحق أضراراً باقتصاد البلاد والمواطن على حدٍ سواء». وذهب تاجر سيارات، يُدعى سعدي خالد، إلى ما هو أبعد، حيث شكَّك في نوايا وزير المالية المتحدِّر من المناطق الكردية قائلاً «الهدف من الضريبة هو إغلاق المنافذ الجنوبية وتنشيط الشمالية». وعاين صحفي في البصرة آلاف المركبات مُكدَّسةً في الميناء بينها سيارات مخصصة لدوائر حكومية وأخرى مخصصة لميليشيا الحشد الشعبي المشارِكة في القتال ضد تنظيم «داعش». وللتغلب على الصعوبات؛ بدأ بعض المستوردين تحويل بضائعهم إلى أحد الموانئ الإيرانية وإدخالها براً عبر منافذ كردستان، بحسب المستورد علي العبارة. ووفقاً للنائبة التميمي؛ اتفقت اللجنة المالية في البرلمان الاتحادي مع الوزير زيباري على أن «يطبِّق في الإقليم الشمالي ما هو مُطبَّق في البصرة، لكنه لم يف بوعده».