أعلنت مصادر أمنية ومحلية في العراق أمس عن استعادة مناطق واسعة حول الرمادي خلال الساعات الماضية في إطار عملية مدعومة من غارات الائتلاف الدولي لإخراج تنظيم «داعش» من المدينة، في وقتٍ نظَّم الأكراد شمالاً احتجاجاتٍ على تردي الأوضاع الاقتصادية، وهاجموا حكومة إقليمهم. وأفاد ضابطٌ في الجيش برتبة عميد في قيادة عمليات محافظة الأنبار ب «تمكُّن القوات من استعادة مناطق استراتيجية ومهمة حول مدينة الرمادي (100 كلم غرب بغداد) من قبضة داعش». وأوضح أن «قواتنا استعادت السيطرة على مناطق زنكورة والبوجليب والعدنانية وأجزاء واسعة من منطقة البوريشة الواقعة غرب المدينة، كما سيطرت على منطقة الخمسة كيلو بعد انسحاب المسلحين منها». وتحدَّث المصدر عن مقتل عدد كبير من المسلحين المتشددين وتدمير عددٍ من آليات تنظيمهم الذي اضطر إلى الانسحاب أمام تقدم القوات الحكومية. وسيطر «داعش» على الرمادي، مركز محافظة الأنبار (غرب)، في ال 17 من مايو الماضي إثر هجوم واسع انتهى بانسحاب القوى الأمنية من مراكزها وبينها مقر قيادة عمليات المحافظة. وأبلغ عضو مجلس الأنبار، عذال عبيد الفهداوي، عن «استعادة القوات الحكومية مناطق واسعة شمال وغرب الرمادي بمساندة من طيران الائتلاف الدولي الذي يلعب دوراً كبيراً في تنفيذ العملية». وأشار الفهداوي، في تصريحاتٍ له، إلى «تحرير حوالى 20% من المناطق المحيطة بالمدينة»، ووصف هذا التقدم ب «المهم» كون هذه المناطق تربط مسلحي «داعش» بمناطق أخرى. وكانت القوات الحكومية بدأت قبل 4 أيام عملية واسعة لتحرير الرمادي. ونفذ طيران الائتلاف لمكافحة الإرهاب 27 ضربة جوية ضد معاقل التنظيم الإرهابي في مناطق المدينة منذ بداية الشهر الجاري، وفقاً لبيانات الائتلاف اليومية. وتوقع الفهداوي «تحرير المدينة بالكامل نهاية الشهر الجاري»، لافتاً إلى تلقي القوات مساندةً من أبناء العشائر. وأعلنت قوة المهام المشتركة في واشنطن، الناطقة باسم الائتلاف الدولي، شن طيران الحلفاء 23 ضربة جوية أمس الأول بينها 20 نُفِذَت في العراق قرب 10 مدن واستهدفت وحدات تكتيكية ومواقع قتالية وأسلحة ومبانيَ وأصولاً أخرى. بينما نُفِّذت 3 ضربات قرب بلدة البوكمال السورية واستهدفت منشأتين لتجميع النفط تابعتين ل «داعش». في سياقٍ متصل؛ توقع رئيس لجنة الدفاع والأمن في البرلمان العراقي، حاكم الزاملي، قرب استعانة بغداد بموسكو لشن ضربات جوية ضد المتشددين، معتبراً أن بلاده تريد للروس القيام بدور أكبر من الأمريكيين. وأبلغ الزاملي وكالة الأنباء «رويترز» بقوله «قد تلجأ بلادنا قريباً، في الأيام أو الأسابيع القليلة المقبلة، إلى الطلب من روسيا لتوجيه ضربات». ولفت إلى السعي إلى «دور روسي أكبر في العراق من الدور الأمريكي». في غضون ذلك؛ نظم الأكراد في شمال العراق احتجاجات وإضرابات أمس الأربعاء لإبداء استيائهم المتزايد من الأوضاع الاقتصادية. وخرج معلِّمون وعاملون في مستشفيات وموظفون آخرون في القطاع العام إلى الشوارع على مدى نحو أسبوع لمطالبة حكومة إقليم كردستان شبه المستقل بأجورهم المتأخرة منذ 3 أشهر. وهذه المظاهرات هي أطول اضطرابات تشهدها المنطقة الكردية منذ بدء أزمة اقتصادية مصحوبة بالصراع مع «داعش» وانخفاض في أسعار النفط دفع الإقليم إلى شفا الإفلاس. وهدد موظفون باستمرار الاحتجاج، ورأى مدير مدرسة ثانوية في مدينة السليمانية، ويُدعى أري أحمد، أن «اللوم يقع على حكومة كردستان، وإذا لم تُنْهِ هذه القضية فسنستمر في احتجاجنا». وبعد عقد من غزو العراق بقيادة الولاياتالمتحدة؛ عزَلَ الإقليم الكردي نفسه عن العنف في بقية أنحاء البلاد وتمتَّع بازدهار اقتصادي جرَّاء ارتفاع عائدات النفط. لكن الوضع اختلف مع بداية عام 2014 عندما خفّضت بغداد الأموال المخصصة للإقليم رداً على مده خط أنابيب نفطي خاص به إلى تركيا في إطار سعيه لتحقيق استقلال اقتصادي. وبعد سيطرة التطرف العنيف على ثلث أراضي البلاد؛ هاجم المسلحون مدناً وبلدات كردية ما أثار مخاوف المستثمرين الأجانب. ولاحظ المتحدث باسم الحكومة الكردية، سفين ديزيي، أن «كل هذا تفاقم إلى وضعٍ مزرٍ»، وحذَّر «إذا استمر ذلك واستمرت أسعار النفط في الانخفاض؛ فسيسبب هذا مزيداً من المشكلات للمنطقة». ويحتاج الإقليم، وعاصمته إربيل، إلى نحو مليار دولار شهرياً يضخ منها 700 مليون دولار إلى القطاع العام الذي يوظِّف 1.3 مليون شخص من أصل 5 ملايين نسمة. وسعى الأكراد إلى تغطية هذه التكاليف بتحقيق مبيعات نفطية مستقلة منذ بداية يونيو الماضي. وصدَّرت منطقتهم 620.478 برميل نفط يومياً بشكل مستقل خلال سبتمبر الفائت. لكن كثيراً من السكان يتساءلون عن كيفية إنفاق العائدات، وكُتِبَ على لافتة رفعها المحتجون إن أموال النفط «يجب أن تكون للشعب وليس للمافيا». واعتبر المدرس، ناواشيروان هاما غريب، الذي شارك في الاحتجاجات في السليمانية أن «حالنا سابقاً كان أفضل من الآن».