توقَّعت المفوضية الأممية العليا للاجئين ارتفاع العدد الإجمالي للمهاجرين عابري البحر المتوسط خلال العامين الجاري والمقبل إلى مليون و400 ألف شخص، فيما أجازت أعلى محكمة في أوروبا سجن طالبي اللجوء إذا عادوا بعد طردهم في حكمٍ يُرجَّح متابعته بكثب من قِبَل دول القارة. ووقعت مواجهات بين سوريين وأفغان داخل مركزٍ للجوء في ألمانيا التي أكد سياسيون فيها استقبالها أكثر من 200 ألف مهاجر خلال سبتمبر الماضي وحده. ويُرجَّح أن يذكي هذا الرقم القياسي الجديد الجدل بين الألمان بشأن أعداد الوافدين إلى بلدهم الأكبر في أوروبا من حيث عدد السكان. وفي بادئ الأمر؛ دعمت أحزاب هذا البلد الترحيب الحار من المستشارة، أنجيلا ميركل، بطالبي اللجوء، لكن الأجواء باتت أكثر انتقاداً وسط هيمنة المخاوف حيال كيفية توفير الطعام والسكن لهذه الأعداد الكبيرة. ولاحظ النائب في البرلمان الألماني عن حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي، شتيفان ماير، أن «عدد الوافدين في سبتمبر وحده فاق عددهم خلال العام الماضي بأكمله إذ تجاوز ال 200 ألف شخص». وبمزيدٍ من التفصيل؛ حدَّد وزير داخلية ولاية بافاريا، الذي ينتمي إلى الحزب نفسه، العدد ب 280 ألف شخص. والحزب الاجتماعي المسيحي في بافاريا هو الشقيق لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي تتزعمه ميركل ويرأس حكومة ائتلافية مع الحزب الديمقراطي الاشتراكي المنتمي إلى يسار الوسط. وتتوقع حكومة ميركل بلوغ عدد الوافدين إلى ألمانيا 800 ألف مهاجر هذا العام وحده أي ما يشكل نحو 1% من عدد السكان الحالي. ويدخل كثيرٌ من المهاجرين عبر ولاية بافاريا في الجنوب. وتحدَّث وزير الداخلية في الحكومة، توماس دو مازيير، عن «حدودٍ لعدد المهاجرين الذين ستتمكن أوروبا من استقبالهم»، لكنه لم يذكر رقماً محدداً. وتعهد دو مازيير، في كلمةٍ أمام البرلمان أمس، ب «بذل قصارى الجهد لتوزيع المهاجرين في مختلف أنحاء البلاد وتوفير أماكن سكن لهم». إلى ذلك؛ أبدى مجلس أوروبا في تقريرٍ أصدره أمس قلقه من تنامي العنصرية داخل الأراضي الألمانية، مندداً بشكلٍ خاصٍ بالمظاهرات التي نظمتها حركة «وطنيون أوروبيون ضد أسلمة الغرب» (بيغيدا) في الشتاء الماضي. وشدَّد التقرير، الذي أعدته اللجنة الاستشارية الأوروبية لحماية الأقليات الوطنية، على أن «الوضع المتعلق بالمظاهر العلنية للعنصرية ومعاداة الأجانب تطوَّر بطريقة مثيرة للقلق». وحذر من «تزايد ملحوظ في مظاهر معاداة السامية والغجر والعداء للإسلام وللمهاجرين، وكذلك الاعتداءات على طالبي اللجوء»، منتقداً المسيرات الأسبوعية التي كانت «بيغيدا» تنظمها في دريسدن ومدن ألمانية أخرى. وبلغت هذه الحركة المناهضة للمسلمين ذروتها في 19 يناير الماضي لدى مشاركة 25 ألف شخص في إحدى مظاهراتها، ثم تراجعت في الربيع. وأشار التقرير إلى أجواء انعدام الأمان التي ولَّدتها هذه المظاهرات بالنسبة للمسلمين والمنحدرين من أصول مهاجرة أو أبناء الأقليات، مذكِّراً ب «الاعتداء المشين والدامي طعناً بالسكين على إريتري في دريسدن عشيَّة واحدة من تلك المظاهرات بعد 3 أيام فقط على رسم صليب معقوف على باب منزله». وإذ نبَّهت اللجنة الاستشارية الأوروبية لحماية الأقليات إلى أهمية تنظيم المظاهرات المضادة ل «بيغيدا»؛ اعتبرت أنه «ما زال من الضروري بذل جهود حثيثة لتشجيع أجواء من التسامح والحوار بين الثقافات في ألمانيا». وتتناقض هذه الخلاصات مع صور المهاجرين الذين استقبلهم الألمان بالترحاب في محطات القطار وسط الهتاف والتصفيق أحياناً. وتفيد عدة استطلاعات للرأي بترحيب أكثر من 60% من هذا الشعب باستقبال المهاجرين. ووفقاً لتقرير اللجنة؛ فإنه «إذا كانت المدرسة تولي اهتماماً خاصاً بدراسة التعابير الماضية لمنظمات اليمين المتطرف خلال الفترة القومية الاشتراكية؛ فإنها غالباً ما لا تعلق أهمية تُذكَر على أساليب التعبير الحالية عن العنصرية والعداء للأجانب ومعاداة السامية وأشكال التعصب الأخرى المرتبطة بها». وعلى صعيد التوتر بين اللاجئين أنفسهم؛ اندلعت أمس الأول مواجهات بين سوريين وأفغان في مركز لجوء في هامبورج (شمال ألمانيا). ووقعت أعمال العنف، التي استمرت حتى ليل الأربعاء، بين نحو 200 سوري وأفغاني بالإجمال، كما ذكرت صحيفة «هامبورغر مورغن بوست» المحلية. وأصيب عدد كبير من الأشخاص، كما أوضحت هذه المصادر، لكن الحصيلة الدقيقة لم تُعرَف بعد. وأُرسِلَ 50 شرطياً لضبط الأمور وإعادة الهدوء إلى مركز اللجوء محل المواجهات. وأرجعت «هامبورغر مورغن بوست» أعمال العنف إلى تشاجر بسبب استخدام المراحيض. ونقلت الصحيفة عن رجال الإطفاء أن المجموعتين لجأتا إلى الاستعانة بقضبان الحديد وعمدتا إلى إلقاء الحجارة. ومؤخراً؛ وقعت مواجهات عدة في مراكز الاستقبال الألمانية المخصصة للمهاجرين. وأسفر شجارٌ الثلاثاء الماضي بين سوريين وباكستانيين عن جريحين في دريسدن (شرق). وأصيب 14 شخصاً الأحد في مركز قريب من كاسل (وسط)، حيث اشتبك 70 باكستانياً مع 300 ألباني. إلى ذلك؛ توقعت المفوضية الأممية العليا للاجئين ارتفاع عدد قاصدي أوروبا عبر البحر المتوسط خلال العام الجاري إلى 700 ألف مهاجر، بينما رجَّحت وصول عددٍ مماثل بالطريقة ذاتها إلى القارة خلال العام المقبل. ودعت المفوضية إلى تمويلٍ إضافيّ للتعامل مع هذه الأعداد الراحلة عن بلدانها بحثاً عن الأمن والحماية الدولية. وألمحت في تقرير لها إلى إمكانية ارتفاع العدد عن 700 ألف شخص في عام 2016، لكنها تتوقع عدداً مماثلاً لذلك المرتقب في عام 2015. ومنذ يناير الماضي؛ سجَّلت أوروبا وصول 520 ألفاً و957 وافداً عبر المتوسط بينهم 387 ألفاً و520 في اليونان و131 ألفاً في إيطاليا. و18% من القادمين أطفال و13% منهم نساء. وحثَّ تقرير المفوضية الأممية، الذي حمل اسم «المبادرة المتوسطية الخاصة» لمواجهة تدفق المهاجرين، على توفير 77.4 مليون دولار إضافية لعملياتها في المنطقة فوق الطلب الأساسي الذي قدمته في 8 سبتمبر الماضي. ويشمل التمويل المطلوب أنشطة للفترة الممتدة بين يونيو 2015 وديسمبر 2016. بذلك؛ تصل الموازنة الإجمالية التي تريد المفوضية جمعها لهذه العملية إلى 128 مليون دولار. وحددت «المبادرة المتوسطية الخاصة 3 أهداف هي «إنقاذ الأرواح وتلبية الاحتياجات الإنسانية في نقاط العبور والوجهات النهائية» ثم «تعزيز أنظمة الحماية عبر زيادة القدرات في القرن الإفريقي وشمال إفريقيا وأوروبا» مع «تعزيز ضمان الأمن والحلول في المناطق التي يجد فيها المهاجرون الأمان للمرة الأولى». وعلى صعيدٍ موازٍ؛ قضت أعلى محكمة أوروبية أمس بمنح دول الاتحاد الأوروبي حق سجن المهاجرين الذين يعودون إلى أراضيها بعد أن يتم طردهم، في حكمٍ يُرجَّح أن تتابعه القارة عن كثب فيما تواجه صعوبات للتصدي لأزمة طلب اللجوء. وكانت محكمة العدل الأوروبية تنظر في قضية ألباني تم ترحيله من إيطاليا عام 2012، لكنه عاد إليها في انتهاكٍ لقرار منعه من دخولها لمدة 3 سنوات. واستقر قضاة المحكمة، ومقرها لوكسمبورج، على تماشي القانون الإيطالي الذي ينص على عقوبة السجن لمدة تتراوح بين سنة و4 سنوات لهذه الجريمة مع قانون الاتحاد الأوروبي. ودخل أكثر من نصف مليون مهاجر دول الاتحاد هذا العام. ويحق لبعضهم طلب اللجوء مثل الفارين من الحرب الأهلية السورية. وبشكل عام؛ يُعتبَر وافدون آخرون خاصة من دول غرب البلقان مهاجرين لأسباب اقتصادية، لذا يُطلَب منهم العودة إلى بلدانهم.