حقق الانفصاليون فوزا نسبيا في الانتخابات الإقليمية في كاتالونيا، دون الحصول على غالبية الأصوات، ما يطرح تحديا هائلا على حكومة ماريانو راخوي المحافظة، قبل ثلاثة أشهر من الانتخابات التشريعية في إسبانيا. وفاز الانفصاليون في كاتالونيا الذين جعلوا من الانتخابات استفتاء على الاستقلال، بالغالبية المطلقة في البرلمان المحلي بحصولهم على27 مقعدا من أصل 135، غير أنهم لم يحققوا الغالبية على صعيد الأصوات بحصولهم على 47,8% فقط من الأصوات، وهو ما لا يمكنهم من الفوز في استفتاء. وهذا هو الاستنتاج الذي توصل إليه الحزب الشعبي بزعامة ماريانو راخوي، إذ أعلن أن «غالبية كاتالونيا رفضت الاستقلال». ويتباين هذا الإعلان مع الفرح الذي سيطر على أنصار قائمتي «معا من أجل النعم» و«الوحدة الشعبية»، القائمتين الانفصاليتين اللتين تصدرتا النتائج في كاتالونيا. وتجمع حوالي ألفا شخص في إحدى ساحات برشلونة، مقابل سوق بورن القديم ورقصوا معبرين عن فرحهم حتى منتصف الليل. وقبل ذلك تعاقب أرتور ماس، رئيس الإدارة المحلية المنتهية ولايته وحليفه على القائمة أوريول خونكويراس، زعيم يسار كاتالونيا الجمهوري، على المنبر لإعلان الفوز، مؤكدين «شرعيتهما» لإطلاق عملية الاستقلال. كما أعلن رئيس قائمة «معا من أجل النعم» راؤول روميفا «لدينا تفويض يتحتم علينا تنفيذه. وإن جرت مفاوضات مع الدولة الإسبانية، فإن الأمور ستكون أسهل. لكن حتى في غياب الإرادة من جانب الدولة، فإننا سنقوم بذلك أيضا، وسيتم إعلان» الاستقلال». وفي هذه الأثناء دعا رئيس القائمة الاستقلالية الأخرى، التي سيتحتم على ماس الاتفاق معها لإيصال ائتلافه إلى السلطة، إلى «العصيان». وقال أنتونيو بانيوس «اعتبارا من الغد يمكن للكاتالونيين بل يجب عليهم عصيان التشريعات» داعيا سكان المنطقة إلى عدم تطبيق «القوانين الجائرة بحق الطبقات الاجتماعية الكاتالونية». لكن الواقع أن الاستقلاليين لم يحصلوا على غالبية قوية، إذ فازوا ب 1,9 مليون صوت من أصل أربعة ملايين. من جهته حذر ماريانو راخوي، بأنه لن يقبل بأي خطوة أحادية غير قانونية. ويقر البرلمان هذا الأسبوع إصلاحات عاجلا للمحكمة الدستورية، يسمح لها بتعليق مهام السلطات التي لا تحترم قراراتها وحتى المؤقتة منها. وقال مدير معهد «غاد 3» للاستطلاعات نارثيسو ميتشافيلا المقرب من المحافظين، إن «هذا يوجد وضعا من الغموض الشديد». من جهته قال رئيس حزب بوديموس من اليسار الراديكالي بابلو ايغليزياس «لا أفهم الفرح والضحك والاحتفالات من قبل بعضهم بعد نتائج تترك كاتالونيا وإسبانيا في وضع بالغ الصعوبة، في طريق مسدود». كما أسف هذا الأستاذ في العلوم السياسية للنتيجة «المخيبة جدا» التي حققها ائتلاف «كاتالونيا أجل هذا ممكن» الذي كان حزبه مشاركا فيه. وجاءت تحليلات كبرى الأحزاب الإسبانية أمس لنتائج انتخابات كاتالونيا، على خلفية الانتخابات التشريعية المقررة في ديسمبر دون أن تتوقف كثيرا عند وضع كاتالونيا، التي أظهر سكانها عن انقسامات عميقة فيما بينهم. وبين الفائزين سيودادانوس التنظيم الليبرالي الذي ولد عام 2006 في كاتالونيا، للتصدي للقوميين في هذه المنطقة والفساد، وحصل على 25 مقعدا في زيادة كبيرة بالمقارنة مع الانتخابات الأخيرة في 2012. وهي نتيجة يعتزم زعيمه البيرت ريفيرا توظيفها على الصعيد الوطني، وندد عند إعلان النتائج ب «السياسة القديمة» التي يجسدها بصورة خاصة حزب راخوي، الذي تراجعت نتائجه إلى11 مقعدا مقابل 19 مقعدا حاليا. وتأمل المعارضة الاشتراكية الداعية إلى إصلاح للدستور يعزز الحكم الذاتي في كاتالونيا، الخروج بنتيجة مرضية. واعتلى أمينها العام بيدرو سانشيز منبرا معدا، كأنما لانتخابات رئاسية رفعت فيه أعلام كاتالونيا وإسبانيا وأوروبا، ليدعو إلى «مرحلة من التعايش والحوار». وحقق الاستقلاليون انتصارا في نقطة واحدة على الأقل، وهي أنهم باتوا في صلب الجدل لتسوية «مسألة كاتالونيا» المطروحة على السياسة الإسبانية منذ نحو قرن.