للعيد فرحة وكثير من السرور، فيه تكتظ الأسواق بالمتسوقين وأبنائهم المنهمكين بالشراء ليتميزوا بكل براق ليرضوا به جميع الأذواق، وعند عودتهم تمتلئ الخزائن بكل جديد وما كان ثمنه غالياً، فقد ختموا جولاتهم بحمد الله والبسمات تعلو الشفاة، وهم يسمعون ثغاء الخرفان في بيوتهم العامرة ويسأل الصغار بشوق ولهفة متى ستذبح هذه الخرفان؟ ومتى سيأتي العيد لنلبس الجديد؟ وتكثر شقاوتهم وأسئلتهم تزداد والشوق في عيونهم وفي قلوبهم للفرح والمرح القادم. وأما في البيوت الفقيرة فلا تسمع ثغاء الخرفان بل مواء القطط، ولا ترى البسمات على وجوه صغارهم بل الحسرات، ومن عيونهم سالت الدمعات، وفي قلوبهم الصغيرة كثرت الآلام والأنات، فهل قلوب صغار الفقراء تتحمل كل هذا بيوم من الواجب والسنة فيه الفرح؟ ومن أبسط حقوقهم أن يلبسوا ثوباً جديداً يباهوا به أنفسهم وحذاءً جديدا وقليلاً من الأغراض للزهرات الصغيرات وبعض الكماليات، لتبتسم بنات الفقراء بهذه الأشياء ويحس أولادهم بطعم العيد، وعلى الرغم من قلة ذات اليد لأرباب الأسر الفقيرة فهم يقفون في حيرة أمام طلبات ونظرات أبنائهم الحائرة والكسيرة، وقلوبهم محروقة وجيوبهم مثقوبة وأطفالهم يلحون عليهم ويخبرونهم بأن العيد قادم وأن أقرانهم قد تجهزوا للعيد والمرح. إن كثيراً من الأغنياء في محيطنا المظلم و"المنور" ومع وحجم ثروتهم ومنبع ومجرى أموالهم الذي غطى على أبصارهم يظنون بأنه لا يوجد فقراء في محيطهم، وهم حقاً لا يعلمون بأن هناك أطفالاً في البيوت يبكون يريدون لبس العيد ومحتوياته، والأب والأم لا حول لهم ولا قوة، العيد قادم وهو داخلُ ُ داخل حتى ولو أغلقوا الباب سيدخل عليهم من الشباك، إنهم بحاجة ماسة وعاجلة لمن يمسح دموعهم بمساحات ليست صناعية بل بأيادي المحسنين السخية. الخلاصة: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {مَنْ فَرَّجَ عَنْ أَخِيهِ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ عَلَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ فِي الدُّنْيَا سَتَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ}.