هل يمكن أن تتخيّل أن قهوتك الصباحية التي تحرص على تناولها كجزء من طقوسك اليومية، تدخل في مكوناتها صبغات ملونة مستخلصة من الخنافس؟! كف عن الخيال، فهذا واقع أقرّت به أشهر شركة مختصة بالقهوة (ستاربكس)، التي أعلنت أنها أوقفت هذا «القرف» واستبدلته بمستخلصات نباتية! لكن «القرف» مستمر في غير مكان، إذ يدخل في صناعة كثير من الأغذية والمشروبات ومستحضرات التجميل، حيث تغلى الحشرات الجافة بالماء، لاستخلاص الأحماض الملوِّنة منها! أيضاً، قد تتناول الخشب وأنت لا تعرف، إذ يدخل لب الخشب في صناعة بعض الأغذية كمادة مغلظة للقوام وتحسين الملمس، وربما أيضاً تناولت أطعمة ومشروبات، أو استخدمت مستحضرات تحتوي مكوناتها على دهون الخنازير. ذنبك وذنبي، أننا نشرب ونأكل مما لا نعرف له أصلاً ولا فصلاً، وإن أردنا أن نعرف ضِعنا في دهاليز طلاسم كيميائية لا يفكها إلا أهل ذكر، -مع الأسف- سواء سألناهم أم لم نسألهم لا يجيبون! الغربيون اعتادوا الصدق في كل شيء، ولفرط صدقهم كنّا نسخر مما كان يرد إلينا منهم من أخبار ونضعها تحت بند «أشياء لا تُصدَّق»، لنكتشف اليوم أنها حقائق، وأننا نحن من يستحق أن يُسخر منهم! لا أعرف ما هو دور الجهات المعنية بالغذاء، ولماذا تلزم الصمت إزاء حقائق ثبتت باعتراف، ولم تعد تُهَماً، أو أشياء لا تصدق! مصيبة أن نكتشف أننا «نطفح» منتجات محرمة، وأخرى «مقرفة»، وأخرى تجاوزت تراكيبها الكيميائية الحد المسموح به! أتمنى على هيئة الغذاء والدواء أن تلزم المصنّعين والمورّدين ببطاقة تعريفية لأي منتج، تعرّف بمكوناته بدلاً من الرموز الكيميائية، فيما تقوم هي –الهيئة- بتصميم «بطاقة كفاءة الغذاء» –على غرار بطاقة كفاءة الطاقة- تعرّف من خلالها بالرموز الكيميائية، والحد الأدنى والأعلى المسموح به لوجود هذا العنصر أو ذاك في الأغذية والمشروبات، الذي يعتبر تجاوزه خطراً على الصحة، ومن يوصى بعدم تناولهم هذا الغذاء أو ذاك المشروب تبعاً لحاتهم الصحية.