انحصر دور المسجد وبكل أسفي أن يكون مكاناً لأداء الصلوات المفروضة لا غير يفتح قبيل الصلاة ويغلق بعدها مباشرة، ويتحكم في ذلك الفتح والإغلاق عامل أو مؤذن قد لا يمهل المصلين أداء بعض السنن أو تلاوة القرآن، وبعض المساجد يشكو الإهمال من طرف الأئمة والمؤذنين والعمال أو مؤسسات النظافة. وإذا كان الحال كما وصفت أليس من المفترض أن يعاد النظر في الطريقة التي تدار بها مساجدنا؟ ولعل الحلول المجربة تعطي لنا بديلاً من الواقع المعايش الذي نشكو من سلبياته المتعددة، ومن خلال إقامتي في ماليزيا وجدت أن المساجد تدار بطريقة مختلفة وجميلة تحفظ للمساجد حرمتها وتجعلها تؤدي دورها المنشود، ويتمثل ذلك بأن المساجد تدار من خلال مجلس إدارة يزيد أعضاؤه على ال20 عضواً ومن خلال هذا المجلس توزع الأدوار فغالبا يكون للمسجد أكثر من إمام وعدد من المؤذنين ويتولى أهل الحي في ذلك المجلس عدداً من المناصب، فهناك رئيس لمجلس الإدارة وأمين للمجلس ومسؤول مالي وعدد من رؤساء اللجان يتم اختيارهم من أهل الحي، ويكون هناك صندوق مالي يتم من خلاله تمويل المناشط والاحتياجات، ويرتبط هذا المجلس بالإدارة المحلية الدينية في تلك الولاية. ومن خلال هذا المجلس تدار أمور المسجد من إمامة للصلوات ولا أقصد تعيين الأئمة فدلك منوط بالإدارات الدينية ولكن المهام الأخرى المتعلقة بتنظيم للدروس والمناسبات الاجتماعية كإقامة مناسبات الزواج وغسل الموتى وإقامة البرامج الاجتماعية المتنوعة، أضف إلى ذلك أن الجوامع تبقى مفتوحة بل لا تجد عليها أقفالا وذلك على مدار الوقت بما في ذلك دورات المياه فيها لأن هناك حراسا مدنيين وكاميرات مراقبة الأمر الذي يسمح لعابر الطريق أن يؤدي صلاته بكل راحة وطمأنينة. فهل تبادر وزارة الشؤون الإسلامية بدراسة هذه التجربة وتقوم بنقلها لمساجدنا، ألسنا بأمسّ الحاجة لإحياء دور المساجد في الوقت الذي لا يعرف الجار جاره ولا يشاركه أحزانه وأفراحه؟ أوَليست المساجد أنسب مكان لعقد أواصر الأخوة فمن خلالها يتم التعارف ومن خلالها تنظم البرامج والدروس ويتعرف على المحتاج من أهل الحي لتصرف له زكاة أهل الحي؟ أليست هي أنسب الأماكن لحفظ الشباب ورعايتهم وجمع شملهم؟ ألم يحن الوقت للقضاء على السلبيات التي يجدها أهل الحي من بعض الأئمة والمؤذنين والقائمين على هذا المرفق المهم الذي نحتاج لإعادة دوره المنشود ورفع الضرر الحاصل من إغلاق المساجد على العابرين؟ أسأل الله أن تجد هذه الكلمات آذاناً صاغية وقلوباً واعية.