تعد العيون الكبريتية في محافظة القريات التابعة لإمارة منطقة الجوف، الواقعة قرب قرية كاف التاريخية على امتداد الطريق الدولي المؤدي لمحافظة طريف أحد أهم مراكز العلاج الطبيعي للأمراض، ويقصدها الكثير من المرضى والمسافرين والقادمين من خارج المملكة عبر الطريق كل عام طلبا للعلاج والانتفاع من فوائد الكبريت الموجودة في العين. يقول المواطن محمد العبدالله من أهالي القريات المهتمين بالعلاج بالعيون الكبريتية أن العيون الكبريتية في “كاف” تم اكتشافها منذ زمن بعيد، وذلك في حدود عام 1377ه، وهي تعتبر إحدى المزارات الصحية لسكان الشمال وعدد من أهالي الدول المجاورة، وذلك نظرا لما حققته العيون من سمعة طيبة في علاج العديد من الأمراض الجلدية تحديدا خلال الفترة الماضية. وبيّن العبدالله أن نسبة محتوى الكبريت في العيون مختلف بين الواحدة والأخرى وقد يزداد بفعل كبريت الهيدروجين، ويمكن تحديده بوضوح في احمرار الجلد بعد الاغتسال بماء أي من العيون بمدة قصيرة لا تتجاوز الدقائق، ولكن لابد لماء العين من أن يحتوي على الحد الأدنى من الكبريت، مقداره غرام في كل لتر من الماء، وإلا لن يتم تصنيفها ضمن عيون الكبريت. ونفذت “الشرق” جولة إلى إحدى عيون الكبريت في تلك القرية، التي يتبادر إلى أذهان البعض أنها منتج دوائي جديد قد ينافس المستحضرات الطبية والتكميلية المخصصة لهذه الحالات، وعلى الرغم من أهميتها والإقبال عليها إلا أن الملاحظ لكل زائر لها عدم وجود اهتمام من قبل الجهات المعنية بهذه العيون؛ فيجد أن الخدمات متواضعة والتنظيم مفقود ومستوى النظافة حولها يبلغ الحد غير المرضي، وهو الأمر الذي أرجعه فهاد العنزي من أهالي الجوف أنه يأتي بسبب قيامه على جهود فردية ولا تخضع للتنظيم؛ لعدم وجود جهة حكومية تحتضنها وتعمل على تطويرها سواء وزارة الصحة أو “السياحة”، حتى وإن كان ذلك عن طريق الاتفاق مع القطاع الخاص ليتولى هذه المهمة، لتتحول إلى مواقع تقدم خدماتها بمقابل. مشيرا إلى أن العديد من الزوار لهذه العيون سواء من أهالي المنطقة أو عابري السبيل عبر الطريق الدولي يحملون معهم القوارير الفارغة خلال زيارتهم للعيون؛ وذلك بهدف تعبئتها بماء الكبريت والاستفادة منه لاحقا سواء للاستحمام بها أو الاغتسال الجزئي خصوصا لمرضى حساسية الجلد وغيرها. ورصدت “الشرق” خلال زيارة الموقع أنه لا يحتوي إلا على أشجار النخيل الذي أنهكه العطش وبحالة غير جيدة، كما أن ما يعزز جدوى استثمارها قرب تلك العيون من قصر “كاف” التاريخي المصنف ضمن مواقع الجذب السياحي بالمنطقة. واعتبر المواطن فهد العبدلي وهو من المحافظين على زيارة العيون الكبريتية في الجوف أن العيون الموجودة في محافظة القريات مشهورة ولها سمعة عند أهالي مناطق الشمال والقصيم، فهم يقصدونها لأخذ كميات منها للعلاج والأغلب من الحساسية الجلدية والحكة كل عام. في حين يذكر المواطن ماجد الفهيقي أنه من سكان محافظة طريف ويأتي كل خميس أو جمعة مرة على الأقل شهريا وذلك بصحبة أسرته لزيارة العيون الكبريتية في”كاف”؛ وذلك بهدف البحث عن العلاج الذي تحقق لأحد أطفاله الذي كان يعاني من مرض حساسية الجلد والتي شفي منها بشكل شبه تام بعد عدد من الزيارات لهذه العيون والحمد لله. وأشار الفهيقي إلى أنه لم يكن مقتنعا في بداية الأمر إلا أن ذلك تغير بعد أن نصحه أحد الأطباء في الأردن بأن علاج ابنه ليس بالدواء المصنوع؛ إنما بالبحث عن العيون “الفوارة” والاغتسال بها لعدة مرات لأن المياه الكبريتية ذات حرارة مناسبة تماماً لعلاج أمراض “الحساسية” المفرطة وأمراض الجهاز العضلي والروماتيزم على حد زعم ذلك الطبيب. واستغرب ماجد عن سبب تجاهل الجهات المعنية للوضع القائم حاليا في مواقع العيون بكاف، معتبرا أن الوضع القائم يشعر الزائر لهذه العيون بالاختناق أو “التكه” كما هو متداول بين أهالي الشمال، مطالبا الجهات المعنية التدخل والمسارعة بمعالجة الوضع في أسرع وقت ممكن . جريان مياه الكبريت