أكد إماما وخطيبا المسجد الحرام والمسجد النبوي في خطبتي الجمعة أمس أن «داعش» جماعة ظالمة مفسدة مستبيحة للدماء، جمعت بين فساد المنهج وظلم المسلك، مؤيدة من جهات دولية وإقليمية جندت لها من يقودها ويحركها وفق سياستها وإرادتها، مستغلة الجماعات التكفيرية ورموزها وقيادتها وفكرها، مستغلة من السفهاء والبلهاء والصغار والأحداث من يكون حطبها ووقودها، وهذا لا يخفى على ذي بصيرة. وحذّرا من اتباع هذه الجماعة المارقة صاحبة خلافة الخوارج المعاصرة، فمن من يدخل معها أو يناصرها أو يؤيدها أو يزين أعمالها فإنه شريك معها في قتل المسلمين. وقال الشيخ صالح بن حميد أمس في المسجد الحرام إن هذه الفئة، لبّست على الناس دينهم وخلطت على الشباب فهومهم بادعاءات وأكاذيب، ونهجت منهج الخوارج، كفّرت المسلمين والدول، وكفّرت كل من قاتلها، حتى الفصائل في مواطن الفتن، وكل من قاتلها أو ناوأها حكمت عليهم بالكفر والردة. وأضاف: «الناس مصنفون عندهم، إما كافر أصلي أو مرتد أو منافق. ورأس المرتد حسب تعبير ناطقهم الرسمي العدناني أحب إليهم من ألف رأس صليبي، بينما يقول العالم القاضي أبو الوليد الباجي (رحمه الله) الخطأ في ترك ألف كافر أهون من الخطأ في سفك محجمة من دم مسلم واحد، فقارنوا بين الفقهين، بل قارنوا بين التدينين». وزاد: «من تأمل أنهار الدماء المحرمة التي سفكها هؤلاء في ديار الإسلام ومناطق الفتن، وتأمل مراوغاتهم وانحرافهم في الفتاوى والمسوغات أدرك ما يحملونه على أهل الإسلام من كره وحقد وبغضاء، إنهم يزعمون أن من خالفهم أو قاتلهم فقد أتى ناقضا من نواقض الإسلام وخرج من الملة. يقولون هذا وهم يزعمون أنهم يحكمون بما أنزل الله، ونواقض الإسلام عند أهل الإسلام معلومة، وهي من أدق ما تحدث عنه علماء المسلمين، ولم يقل أحد من طوائف المسلمين بأن مجرد المخالفة كفر ولكنه الهوى والجهل والبغي والعصبية». وأضاف ابن حميد: شيخ الإسلام ابن تيمية قال «إن من تبلغ به العصبية القتالية فيقيم جماعة قتالية يوالي عليها ويعادي عليها فجهاده جهاد في سبيل الشيطان»، فكيف بمن يرى أن من يقاتله فهو كافر مرتد. ومن تلبيساتهم قولهم: لا يفتي قاعد لمجاهد ذلك إن جاذبية اللفظ أضلتهم عن فساد المعنى؛ إذ لم يقل أحد من علماء المسلمين بهذا على طول تاريخ جهاد المسلمين. وهل كان كل علماء المسلمين في أوقات الجهاد في الثغور والمغازي وجبهات القتال؟ وهل ما يقوم به هؤلاء جهاد في سبيل الله؟ لافتا إلى أن من تناقضهم وأكاذيبهم أنهم لا يكفرون كل من خالفهم وباهل على ذلك ناطقهم الرسمي وجعل لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم لم يمض عام على هذا الزعم حتى نكص وفضحه الله بأن أعلن بقوله (واحذر فإنك بقتالك الدولة الإسلامية تقع في الكفر من حيث تدري ولا تدري). ومن كذبهم وتناقضهم أنهم كانوا يدعون حرمة استهداف أسواق أهل السنة ومساجدهم في أيمان مغلظة، بل كان من اتهامهم بعض الدول والحكومات وتكفيرهم لها أنهم يحرقون المساجد والمصاحف، وهاهم ينكصون ويفجرون بكل جرأة مسجد قوات الطوارئ الخاصة في أبها والمساجد قبله عليهم من الله ما يستحقون. ودعا الشباب إلى الحذر من ضلالات هؤلاء الأفاكين. وقال «قد ينقم الإنسان على بعض المظالم، وقد يكون له العتب على بعض أهل العلم، ولكن هذا ليس مسوغا البتة لأمور كبار وقعت وأمة أذلت ودماء أزهقت وبلاد مزقت وهذه الهنات لو صح منها شيء ليست حجة يوم يلقى ربه». وشدد على أن استهداف المساجد وتجمعات الناس يدل على عجز الفاعل، ولو كان قادرا على الوصول إلى الأماكن المحصنة لما تأخر. فضلا عن أن يصل إليه، فالبلاد محفوظة بحفظ الله والمسؤولون -بعد حفظ الله- وعونه يقظون وحازمون. وفي المدينةالمنورة أكد الشيخ صلاح البدير في خطبة الجمعة أمس أن الكشف عن ضلال أهل البدع والأهواء والتحذير من مقالتهم ومذاهبهم واجب في الشريعة؛ لما تحويه من ألوان الضلال وصنوف الشرك وقبائح الأفعال، وليجتنب الحدث مجالستهم وصحبتهم وألفتهم. وأوضح أن داعش، كيان يضم مجموعة من الأخلاط والأوباش وأبواق الشر والنفاق وسيوف الفتنة وسرايا إبليس الغارقين في الغي المسترسلين في التجني على الإسلام والتنفير منه والتشويه لسمعته وصورته، لواء الجهاد زاعمين كاذبين فإذا الجهاد عندهم ممارسة قذرة وأفعال مقبوحة وجماع الوحشية والهمجية والعنف والسب والذبح والقتل والغدر والتفجير والتكفير، فغايتهم إثارة الفوضى وإيقاظ الفتنة وتفريق الجماعة وزعزعة الأمن ومحاربة أهل السنة والجماعة ودعم أعداء الملة. واستنكر جريمتهم النكراء وفعلتهم الخسيسة الشنعاء بتفجير المصلين في مسجد قوة الطوارئ في عسير، فالشرع قد أوجب تطهير المساجد وصيانتها وحرم تقذيرها وتنجيسها وإباحة داعش تفخيخها وتفجيرها وقتل المصلين وإهانة المصاحف فيها. وبين أن الجهاد ذروة سنام الإسلام، وليس الجهاد عمليات انتحارية عبثية وتفجيرات إجرامية تقتل النفوس المعصومة، وليس الجهاد حركات تمرد أو عصيان، وليس الجهاد مظاهرات وثورات غوغائية، وليس الجهاد أن يتقحم المرء الهلكة في حروب الفتنة التي لا راية لها ولا إمام. وأضاف: أعداء الحق والسنة يسعون إلى إلصاق تلك الجماعات الإرهابية بالدعوة السلفية التي قام بها الإمام محمد بن عبدالوهاب ولم ينفكوا ينسبونها إلى المملكة وعلمائها ومناهجها فيقولون «السلفية الجهادية» و»داعش الوهابية»، ومع الأسف فإن بعض الكتاب والمفكرين يسيرون في ركب هؤلاء. وأكد أن المملكة ومناهجنا وشبابنا براء من تلك الجماعات الإرهابية، وليس في مناهجنا أو فتاوى علمائنا كلمة واحدة تبرر لتلك الأفعال الإجرامية الخبيثة أو تؤسس لتلك الجماعات الإرهابية البغيضة. وأكد البدير أن بلادنا ليست دولة ظلم وعدوان ولكن من حاربها وجهز السلاح للاعتداء على أرضها وحدودها ونشر الفتاوى والتصريحات التي تهدد أمنها وكوّن كيانات خبيثة لزعزعة استقرارها ولم ينصت لصوت الحكمة والعقل والسياسية والتذكير، فسيجد شعب المملكة شعب الحرب والضرب.