لولا أن رجل الأعمال سعود عبدالعزيز القصيبي رجل يعشق التجارب الجديدة، ولا يهمه إن أخفق فيها؛ لكانت ثمار الليمون الشرقاوي، التي تزين مزرعة منزله مازالت تتلف وتتساقط دون الاستفادة منها؛ لكن شغفه العميق بالهدف أدى لأن يستفيد منها عبر تجفيفها بواسطة «حافظات حرارية». سعود القصيبي يقول ل «الشرق» إن فكرته بدأت منذ العام الماضي، عندما فكر في إيجاد طريقة للاستفادة من كمية الليمون الفائض عن حاجة مزرعته وسط منزله في مدينة الخبر، وراح يبحث ويقرأ كل ما يصادفه عن عادات تجفيف الليمون في الدول المختلفة؛ لكن طريقة نشره في الهواء الطلق؛ حيث إن أشعة الشمس لم تنل إعجابه، خاصة لو طبقها في مكانٍ كأجواء المنطقة الشرقية وماتشهده من ارتفاع في درجة الحرارة والرطوبة، فضلاً عن الأجواء المغبرة. ويضيف القصيبي: الطريقة التي ابتكرتها هي وضعه بحافظات حرارية بدلاً من نشره في الخارج تحت الشمس، وذلك للحفاظ على نظافته ونقاوته، وللتأكد من عدم تعرضه للآفات والحشرات والأتربة. ويشرح القصيبي عملية تجفيف الليمون «أول مرحلة من مراحل تجفيفه هو غسله وتنقيته ليبقى نقيا خالياً من أية شوائب، ثم وضعه في قدر كبير مملوء بالماء المغلي المضاف إليه قليلاً من الملح حتى يبقى على مذاقه الطبيعي، إلى أن يتحول إلى اللون الذهبي. وأشار إلى أن ذلك يحقق غايتين الأولى تعقيمه، والأخرى لإزالة الطبقات الشمعية التي تكونت على قشر الليمون، وتسهيل عملية التجفيف. ويؤكد أن ما يميز ليمونه المجفف هو وضعه على درجات حرارة تماثل الطبيعة، وأن 45 درجة، هي الدرجة المناسبة لتجفيفه على مهل». ويتابع: بعد عملية الغلي، تأتي مرحلة التجفيف عن طريق رص الليمون في حافظات حرارية، وهي كالحافظات التي تستخدمها الفنادق في حفظ الأطعمة للبقاء على سخونة الأطعمة لمدة تتراوح مابين ثلاثة إلى أربعة أيام مع مراقبتها وتقليبيها من وقتٍ لآخر حتى تجف تماماً من كل الجهات؛ حتى يتحول محتواها الداخلي إلى اللون الأسود، في حين يتحول اللون الخارجي من الأصفر أو الأخضر إلى اللون الأسود. القصيبي الذي أحب المغامرة والخوض في التجارب، وجد أن ليمونه «الشرقاوي» المجفف يضاهي المستورد، ويتميز برائحته القوية وحموضة طعمه؛ لكنه لم يفكر في بيعه إلى الآن، ويستغله تجارياً رغم نجاح تجربته في تجفيف الليمون، بقدر ما كان مهتماً بالاستفادة من الفائض واستغلاله. ويقول «إن الليمون في منطقتنا متوفر بكثرة، وليس له أي قيمة مادية مرتفعة خاصة في موسمه، كما أن أجواء المنطقة لا تسمح أبداً بتجفيفه والاستفادة منه؛ لهذا استخدمت الحافظات، وهي تعدُّ من الطرق الصناعية والحديثة». ويشير إلى أن السوق تخلو اليوم من الليمون المجفف الذي يعرف محلياً ب «اللومي العماني»، الذي كان يستورد من سلطنة عُمان في حقبة من الزمن، غير موجود، والموجود مستورد من ماليزياوالهند، وهو قليل الجودة ورديء في الطعم والرائحة، ودرجت العادة تسميته ب «اللومي العماني» نظراً للطريقة التي استخدمها العمانيون في تجفيفه. ويذكر القصيبي أن الهنود يجففون الليمون عن طريق دخان حرق الخشب، مما يكسبه النكهة المدخنة، مشيراً إلى أن أغلب الثقافات الأخرى تتفق على تجفيفه تحت أشعة الشمس، كما أن بعضها لا يعتمد على غسله. القصيبي الذي وجد له طريقة لتجفيف الليمون الفائض عن حاجته، لم يتوقف عند ذلك فقط؛ بل راح يجرب تجفيف أوراق الليمون الخضراء، مستفيداً من تجربة المطبخ التايلندي، ويقول عنه: أما بشأن ورق شجر الليمون الأخضر؛ فيجفف ويطحن، ويستعمل كبهار عند طبخ الرز الأبيض أو مضافًا إلى بهارات الكبسة والمرق، ويؤكد القصيبي أنه حريص على نشر هذه الثقافة والاستفادة من الموارد التي تنتجها الأرض، واستغلاله لصالح الفرد، وليس بالضرورة لعمل تجاري يدر أموالاً. الليمون المجفف أصله من الهند؛ وقد عرفه البحارة في الخليج العربي عن طريق التجارة مع الهند، ويُعرف في دول الخليج باسم «اللومي»، ويدخل في تركيب كثير من خلطات التوابل. ويستخدم في أطباق مطبخ الشرق الأوسط، خصوصاً في المطبخ الخليجي، والإيراني والعراقي. وتباع في الأسواق كحبات كاملة أو مطحونة، كما يمكن غلي الليمون الأسود مع الماء، وتقديمه كنوع من أنواع المرطبات الساخنة «شاي لومي» خاصة في فترة الشتاء.