من ذاكرة الواحات والجُزر والكثبان؛ نُلَملِم نسيانَ الإنسان. نُعيد تركيب ما تبعثر منه. ننفضُ عنه ما علِق من رفاهِ الحاضر، ونُعومةِ الراهن، وتعقيدات ما بعد الحداثة والاتصالات والتواصل الاجتماعيّ، ليكون «الساحل الشرقي» باباً أسبوعياً في «الشرق» نفتحه للجيل الجديد ليدخله واعياً منتبهاً، لا مأخوذاً بعاطفةٍ حنينية فجّة. لسنا ماضويين مشغولين بصناعة التراث ليُعاد استخدامه في الحياة المعاصرة. تلك فكرةٌ لا تنجح بالتأكيد. لا يمكن أن تُقنع أحداً باستخدام «الخَصَفَهْ» للجلوس عليها في زمن «الكنبات». ولا وجاهةَ في دعوة ابن فلاّح للعيش في عشةٍ من الجريد. ولا منطق في اقتراحنا على ابن بحّار أن «يُملِّح» السمك ليخزّنه ويتناوله في الشتاء. الأمر نفسه ينطبق على ابن الصحراء الذي لا يمكن أن يرتّب حياته على العيش في بيتِ شَعر..! ليس الهدف من «الساحل الشرقي» أن يوقظ الحنين، أو يغازل الشغف، أو أن يسترجع ذكريات الناس استرجاعاً آنياً عابراً. الهدف الأبعد؛ هو أن نعرف، ونُعرِّف، ونصل بالبحث إلى الجذور الأصيلة في حياة الإنسان السعودي في هذا الجزء الكبير من بلادنا الغنية المترامية. وهي جذور متصلة بحضارات متراكمة، أسهمت حضارات العالم القديم في تكوينها وتشكيلها وصقلها وتهذيبها، حتى وصلت إلينا في شكل نُظم حياة متسقة قادرة على الاندماج بطبيعة بيئتها الجغرافية على ما فيها من تباينات واختلافات. الهدف هو ألّا ننسى، أو نمرّ مرورَ المعجبين المؤقّتين بحياة الكادحين من أسلافنا على هذه الأرض الطيبة. الهدف هو أن ننتبه إلى كوننا امتداداً إنسانياً طبيعياً منسجماً مع ما حوله. نسأل الله التوفيق.