حاولت واشنطن التدخل سريعاً لإخماد نيران غضبٍ أشعلها حرق مستوطنين إسرائيليين أمس طفلاً فلسطينياً وهو حي في قرية دوما شمالي الضفة الغربيةالمحتلة، فيما خرجت مظاهرات في القدس احتجاجاً على مقتل الطفل الرضيع حرقاً. ونددت الولاياتالمتحدة بالواقعة واعتبرتها «هجوماً إرهابياً وحشياً»، في وقتٍ طالبت السلطة الفلسطينية بتحقيقٍ دولي فيها. وأبدت وزارة الخارجية الأمريكية، في بيانٍ لها، ارتياحها لصدور أمر من رئيس وزراء دولة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، ب «اعتقال قتلة الطفل علي الدوابشة (عام ونصف العام) وإحالتهم إلى القضاء بتهمة ارتكاب عمل إرهابي». واتصل نتنياهو هاتفياً بالرئيس الفلسطيني، محمود عباس، للتعبير عن إدانته قتل الدوابشة حرقاً على يد مستوطنين، واعداً بإجراء تحقيق شامل في «هذا العمل الإرهابي» ومُقرّاً بصدمته. ونادراً ما تستخدم سلطات الاحتلال عبارة «عمل إرهابي» لتوصيف هجمات ينفذها مستوطنون. ووصف قطاعٌ واسعٌ من الفلسطينيين إضرام النيران في منزل أسرة الدوابشة وآخر مجاور له في قرية دوما وقتل طفلٍ حرقاً جريمة حرب. وتحت ضغط الإدانات؛ زار نتنياهو والدة الطفل ريهام الدوابشة (26 عاما) وشقيقه أحمد (4 أعوام) في مستشفى بتل أبيب. وأصيب والد الطفل، ويُدعَى سعد، في الحريق لكنه نُقِلَ إلى مستشفى إسرائيلي آخر، فيما لم تُعرَف هوية جريح رابع. بدوره؛ دعا عباس حكومة الاحتلال إلى «محاربة الإرهاب» و»إلقاء القبض على منفذي هذه الجريمة البشعة بحق الرضيع وأسرته ومعاقبتهم». ووصفت وزارة الصحة الفلسطينية وضع أفراد أسرة الطفل ب «الخطير». وينتهج مستوطنون متطرفون وناشطون من اليمين الإسرائيلي سياسة انتقامية تُعرَف باسم «تدفيع الثمن» وتقوم على مهاجمة أهداف فلسطينية. وتشمل الهجمات تخريب وتدمير ممتلكات وإحراق سيارات ودور عبادة مسيحية وإسلامية وإتلاف أو اقتلاع أشجار زيتون، فيما يتم توقيف الجناة نادراً. إلى ذلك؛ اندلعت مواجهات بين فلسطينيين غاضبين من حرق الطفل الدوابشة وقوات إسرائيلية في أماكن متفرقة من القدس والضفة، ما أسفر عن إصابة مُحتجَين بالرصاص الحي. وأفادت الناطقة باسم شرطة الاحتلال، لوبا السمري، باندلاع مواجهات في بلدة العيسوية المحيطة بالقدس وفي حي باب حطة في الجزء القديم من المدينة. وألقى المتظاهرون الحجارة على الشرطة التي اعتقلت أحدهم وأحالته إلى تحقيق. وأبلغ عمار سدر، من سكان القدس القديمة، وكالة الأنباء الفرنسية باعتقال الشرطيين الإسرائيليين أخاه وسام (19 عاماً) بعدما أشبعوه ضرباً و»أصابوه بجرحٍ في رأسه وآخر في عينه التي كان الدم ينزف منها». وخرجت تظاهرة غاضبة في مدينة الخليل جنوبي الضفة، وشارك فيها مئات من الشبان ألقوا الحجارة والإطارات المطاطية المشتعلة باتجاه قوات جيش الاحتلال التي لجأت إلى بنادق القنص للرد. وأصيب على الإثر متظاهرٌ في قدمه، فيما تحدث مصدران طبيان فلسطينيان عن «إصابة متظاهرين برصاص حي خلال مظاهرات في الخليل وعند حاجز عطارة قرب بئر زيت». لكنهما وصفا الإصابتين ب «متوسطتين». ودعا متظاهرون فلسطينيون نظموا مسيرة في بلدة كفر قدوم شمالي الضفة إلى «رد شعبي على جريمة حرق الطفل». وردَّ جيش الاحتلال عليهم بإطلاق العيارات النارية واستخدام الغاز المسيل للدموع. وبالتزامن؛ قدَّر كبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، عدد اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية منذ عام 2004 ب 11 ألف اعتداء. وأكد كبير المفاوضين، خلال تصريحات صحفية أمس، اشتمال الاعتداءات على «قتل أبرياء وحرق مساجد وأشجار»، متهماً حكومات الاحتلال المتعاقبة ب «عدم محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم» وب «الاستمرار في إرسال رسائل التحريض والكراهية والتفرقة العنصرية». ورفض عريقات التفريق بين «إرهاب المجموعات الاستيطانية والتمدد والتوسع الاستيطاني الحكومي؛ كونهما يخدمان نفس الغرض وهو التطهير العرقي للفلسطينيين وإضافة مزيد من المستوطنين في الضفة الغربيةوالقدسالشرقية بهدف تدمير حل الدولتين وتكريس نظام الفصل العنصري».