أخوان، صبي وفتاة، جمعتهما الطفولة، واحتوتهما البراءة، يتشاركان اللعب والمرح في جو يسوده الفرح. جلُّ اهتماماتهما هو قضاء يومهما بما يحبان فلا ماضٍ يحزنهما، ولا مستقبل يقلقهما. يكبران فتكبر معهما الطموحات والصعوبات، والآمال والآلام. هنا يحتاج كل منهما للآخر، الأخت تحتاج أخاها، والأخ يحتاج أخته. هما لبعضهما خير أنيس، وأصدق ناصح، وأجمل صاحب، ولم يكن الدم الذي بينهما، والرحم الذي جمعهما، هباءً منثوراً، بل وهبهما الله نعمة الأخوة، لكي يحتميا بها من مشقة الحياة، ونصبها، وعنائها، وكدرها. إذاً لا عجب أن يكون لفقد الأخ شرخ عميقٌ في فؤاد الأخت لا يشعر به إلا مَنْ عاش تجربة الأخوة، ووجد فيها معاني العزة والسند والعون، فهذه شاعرة الرثاء «الخنساء» لم تشتهر أشعارها، ولم تخلَّد في التاريخ إلا برثائها صخر «أخوها». ولذلك لن نجد فتاة متوازنة في عاطفتها إلا ولها أخ يكرمها، يصونها، يحترمها، يقدرها ويثق بأنها أختٌ تشاركه الاسم، وتشاركه الحياة بأسرها، فحال الأخ مع أخته يصدق عليه قول الشاعر: إن أخاك الحق من يسعى معك ومن يضر نفسه لينفعك ومن إذا ريب الزمان صدعك شتت فيك شمله ليجمعك.