كان فيرديناند ساوربروخ (1875 1951) طبيباً صغير السن حين تعاون مع الجراح يوهان فون ميكوليتش راديكي في مشفى بيسلاو في برلين في اكتشاف عالم الصدر، والدخول جراحياً إلى هذا المكان التابو المحرم. وكانت العقيدة المسيطرة على الجراحين أن ضغط الصدر الداخلي ما بين أضلاع القفص الصدري والرئة (البالون) سلبي؛ ولذا فإن أي تدخل جراحي على الصدر يجب أن يأخذ في حسابه هذه الظاهرة، وإلا فإن الرئة تنكمش مع انفتاح الصدر على ضغط أعلى من ضغط جوف الصدر بين الرئة والجدار الصدري. وهذا يؤدي إلى انخماص الرائة وانقطاع النفس عند المريض؛ ولذا كانت إصابات الصدر سابقاً من أشد الإصابات أهمية وخطورة. عهد الدكتور راديكي (1850 1905) إلى الشاب الطبيب فيردناند ساوربروخ بهذه المهمة دراسة وتجريباً. فقام بحماس منقطع النظير في دراسة هذا الحلق مع تجارب ميدانية على الحيوانات. كانت الفكرة بسيطة ولكنها رائدة في تلك الأيام مع مطلع القرن العشرين (1905)، ماذا لو أدخلنا الجسم إلى حقل منخفض الضغط، وتركنا جسم المصاب خارج هذا الحقل. بنى (زاوربروخ) قدراً هائلاً من الزجاج يحيط بجسم حيوان التجربة، بحيث يخرج منه رأسه ويبقى جسده في داخل بناء الزجاج تحت الناقوس الكبير تحت ضغط منخفض، فيه ثلاثة مداخل؛ اثنان ليدي المجرب وواحدة لأنبوب التنفس عند الحيوان، وبذا يستطيع أن يتنفس على نحو عادي. أما صدره أو جوف الصدر بين الرئة والأضلاع فهو في حالة ضغط منخفض. نجحت التجربة على 78 حيواناً مختلف الفصائل والأحجام والأوزان. ولأن بنية جسمنا تشبه صدر الحيوانات فقد تقدم ساوربروخ بطريقته الجديدة إلى مؤتمر الجراحين في برلين. كانت المفاجأة كبيرة والإحباط شديداً مع أول تجربة على مريضة ماتت فيها المريضة بدون سبب واحد. لم تثنِ الصدمة ساوربروخ ولا صديقه الدكتور راديكي عن متابعة العمليات بنتائج جد مشجعة، كانت الدفعة الأولى من العمليات الناجحة تضم 16 مريضاً، منهم اثنان على المنصف وثمانية على الرئة وواحد على القلب وخمسة على المريء. إن الأفكار الجريئة والصادقة تثبت نفسها من خلال صراع لتبديل المكان أحياناً. حالياً ومع التخدير المتقدم بطلت غرفة الضغط المنخفض، ويكفي مع فتح الصدر أن يوصل بزجاجة فيها ماء تتلقى نهاية الأنبوب، فتطلق الهواء مثل الأرجيلة وما هي بأرجيلة.