تشهد المناطق البرية هذه الأيام إقبالاً كبيراً من محبي دبابات الدفع الرباعي؛ لاستعراض مهارتهم والقيام بالحركات «البهلوانية»، لاسيما في منطقة «أبو حدرية»، التي تعد من المناطق المعروفة بالتخييم والتنزه للعائلات. لذلك أوجد أصحاب الدبابات مكاناً يستطيعون من خلاله ممارسة نشاطاتهم فيه. وعلى الرغم من الخطورة الكبيرة لهذه الدبابات التي تسببت في العديد من الحوادث، إلا أن الأطفال والمراهقين لا يتخذون وسائل الحماية والسلامة الكافية، وهي تتكون من خوذة لحماية الرأس ولبادات إسفنجية لحماية الركب والأكوع، ويتراوح سعرها بين 50 و70 ريالاً. وفي جولة ل»الشرق» على المنطقة، التي توجد بها أعداد كبيرة من العائلات ومؤجري الدبابات، أوضح حسن إسماعيل وهو من أشهر العاملين في مجال التأجير: «الأسعار غير مرتفعة وملائمة، ونتفق على الأسعار مع كل أصحاب الدبابات؛ حتى لا يكون هناك تضارب بالأسعار بيننا»، مضيفا أن لدية 22 دباباً يؤجرها جميعها خلال يومي الإجازة الأسبوعية، أما خلال الأسبوع فلا يوجد إلا القليل جدا من المستأجرين. وسألته «الشرق» عن الوسائل المستخدمة لديهم لسلامة الراكب وتحديد السرعة بالنسبة للأطفال، فأجاب: «مهمتنا تنحصر في توفير دباب صالح للاستخدام من الناحية الميكانيكية والوقود، أما ارتداء وسائل السلامة فهي تخص الراكب نفسه»، مشيراً إلى عدم السماح للأطفال دون سن السابعة لركوب الدبّابات، «إلا إذا ركب معه شخص كبير». من جانبها، أوضحت فوزية الفضل «ربة أسرة»، أنها تصر على ابتعادها بأطفالها عن منطقة تأجير الدبابات؛ «بسبب الحالة الفوضوية التي يعاني منها المكان»، وحتى تطمئن على سلامة أبنائها، كما تقول. وأضافت الفضل: «معظم الأسر تشتري أدوات السلامة لأطفالها، لكنهم يتخلصون منها سريعاً ويرفضون ارتدائها»، داعية إلى «فرض نظام لبس معدات السلامة على أصحاب الدبابات، وألا يؤجر الدباب إلا بوجودها، مع تحديد السرعة في الدبابات، وتمهيد المنطقة ووضع طرق خاصة بها». إلا أن عبيد العازمي مالك محل تأجير دبابات قال موضحاً: «استخدام أدوات السلامة مع الدبابات سيرفع قيمة تأجير الساعة من 60 إلى 80 ريالاً، وفي هذه الحالة لن يقبل عليها أغلب مرتادي المنطقة. كما أن استخدام الخوذة مثلاً من شخص لآخر غير صحي، فالأفضل أن يحضر كل من يريد استئجار دباب أدواته معه» وتحدث العازمي عن ارتفاع أسعار تأجير الدبابات، نافياً أن يكون هناك استغلال من جانبهم للمتنزهين، مشيراً إلى أن ارتفاع أسعار الوقود من أسباب الارتفاع النسبي لها. وترى ريم الخريصي، إحدى المتنزهات، أن مثل هذه الأماكن تحتاج إلى تنظيم ووضع ميادين وممرات خاصة بالدبابات بعيداً عن المركبات «فالوضع خطير، من خلال وجود الأطفال والمراهقين بين المركبات، وهو وضع يفتقد للسلامة. ومع قليل من التنظيم، ستنخفض نسبة حوادث الدبابات، التي قد تسبب في بعض حالات الإعاقة أو الكسور»، وأضافت أن الأسرة لها دور مهم في توعية الأبناء وتثقيفهم بالسلامة. ويرافق بسام المضحي أسرته ويرفض ركوب أطفاله الدبابات، وأوضح: «رأيت الكثير من الإصابات والإعاقات بسبب الدبابات، لذلك لا أسمح لأطفالي بركوبها أبداً»، وتابع قائلاً: «يجب أن تضبط هذه المحلات تحت رعاية مؤسسات يتم الترخيص لها من قبل الجهات المسؤولة، وتتم متابعتها وفرض تسعيرة موحدة وشروط السلامة، ويجب تخصيص مضمار وأماكن لها وعندها سيتم التعامل مع المؤسسات كجهة مسؤولة تحاسب عند أي تجاوز أو مخالفة». المؤجرون مخالفون وأوضح ل»الشرق» رئيس قسم الأنشطة الرياضية بالهيئة الملكية بالجبيل أسامة الخضيري، أن مؤجري الدبابات في تلك المنطقة «مخالفون للأنظمة ولا يحملون تصاريح»، وقال: «إن عملهم غير نظامي، والمكان الذي يكونون فيه هم من حددوه، وقد سبق لنا أن طالبنهم بإخلائه أكثر من مرة، ويقومون بالاستجابة مؤقتاً قبل أن يعودون مرة أخرى، ونحن في طريقنا لاتخاذ الإجراء اللازم بالتعاون مع الأمن الصناعي، وأضاف الخضيري أن الهيئة حريصة كل الحرص على سلامة المواطن، وتطبيق الإجراءات بحق المخالفين». حوادث مميتة وأوضح استشاري جراحة العظام الدكتور هشام سليم، أن حوادث الدبابات التي يعالجها «تتمثل في كسور الترقوة، الحوض، الأطراف، وإصابات خطيرة بالرأس تتسبب بالغيبوبة، والتواء في المفاصل ورضوض»، وأضاف: «في كل الأحوال هي أصابات يمكن تلافيها، متى ما اتخذنا أجراء مناسبا، مثل ارتداء أدوات السلامة، ضبط السرعة، وتحديد سن الراكب تخصيص أماكن لممارسة ركوب الدبابات تكون خالية من المنعطفات والمنحدرات»، منوِّها بدور الثقافة والوعي لدى الأسرة لمفهوم السلامة.