توصلت إيران والقوى العالمية الست إلى اتفاق نووي أمس بعد أكثر من عشر سنوات من المفاوضات المتقطعة لإبرام اتفاق قد يغيِّر ملامح منطقة الشرق الأوسط. وأشاد الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالاتفاق بوصفه خطوة نحو عالم «أكثر تفاؤلاً»، بينما قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن الاتفاق يثبت أن «الحوار البنَّاء يؤتي ثماره». ويقضي الاتفاق برفع العقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة والأمم المتحدة على إيران مقابل موافقتها على فرض قيود طويلة المدى على برنامجها النووي الذي يشتبه الغرب بأنه يهدف إلى صنع قنبلة ذرية. ويمثل الاتفاق نجاحاً سياسياً كبيراً لكل من أوباما الذي سبق ووعد بمد يده لأعداء تاريخيين وروحاني الذي انتخب قبل عامين بوعد بتقليص العزلة الدولية المفروضة على بلاده التي يسكنها قرابة 80 مليون نسمة. لكنَّ الزعيمين يواجهان شكوكاً من متعصبين أقوياء في الداخل بعد عقود من العداوة بين البلدين حيث أطلقت إيران على أمريكا اسم «الشيطان الأكبر» بينما وصفت واشنطنإيران بأنها عضو «في محور الشر». وسارع روحاني بتقديم الاتفاق على أنه خطوة على الطريق نحو هدف أشمل وهو التعاون الدولي. وقال «مع حل هذه الأزمة التي لا ضرورة لها تظهر آفاق جديدة مع التركيز على التحديات المشتركة». وبالنسبة لأوباما، فإن المساعي الدبلوماسية مع إيران التي بدأت في السر قبل أكثر من عامين تقف على نفس مستوى مساعيه لتطبيع العلاقات مع كوبا باعتبارها خطوات تاريخية في ميراث يقوم على المصالحة مع الأعداء وشكل تحدياً لمن سبقه على مدى عقود. وقال أوباما في خطاب بثه التلفزيون «التاريخ يظهر أن على أمريكا أن تقود ليس فقط بقوتها لكن بمبادئها.. إعلان اليوم يمثل فصلاً آخر في مساعينا نحو عالم أكثر أمناً وأكثر تعاوناً وأكثر تفاؤلاً». وبينما كانت المفاوضات الرئيسة بين الولاياتالمتحدةوإيران فقد شاركت فيها أيضاً الدول الأربع الدائمة العضوية في مجلس الأمن وهي بريطانياوفرنسا والصين وروسيا بالإضافة إلى ألمانيا. ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاتفاق بالخطأ التاريخي، وقال إنه سيبذل قصارى جهده لعرقلة طموحات إيران النووية. وأشاد وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند ب «الاتفاق التاريخي» الذي أبرم حول البرنامج النووي الإيراني، معتبراً أنه يشكل «تغييراً مهماً» في العلاقات بين إيران والدول المجاورة والأسرة الدولية. وصرح هاموند في بيان «بعد أكثر من عقد من المفاوضات الصعبة أبرمنا اتفاقاً تاريخياً يفرض حدوداً صارمة وعمليات تفتيش للبرنامج النووي الإيراني». ورحَّب الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بالاتفاق النووي التاريخي الذي أبرم بين إيران والدول الكبرى، مؤكداً أنه يدل على أن «العالم يتقدم»، داعياً طهران إلى مساعدة التحالف الدولي على «إنهاء» النزاع في سوريا. وقال هولاند في كلمة سنوية متلفزة بمناسبة العيد الوطني في فرنسا «الآن سيكون لإيران قدرات أكبر على الصعيد المالي بما أنه لن تكون هناك عقوبات، علينا أن نكون يقظين جداً بشأن ما ستكون عليه إيران». وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن تسليم إيران شحنات أسلحة سيصبح ممكناً إذا أجازه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وذلك بعد التوصل لاتفاق للحد من البرنامج النووي الإيراني. وأضاف أن روسيا تعتمد على التزام الولاياتالمتحدة بوعد قال إنها قطعته في 2009 بألا تنشر أنظمة دفاع صاروخي في أوروبا بمجرد إبرام اتفاق نووي مع إيران. وأشار إلى أن تسليم إيران شحنات أسلحة سيكون ممكناً تحت شروط محددة حتى قبل انتهاء فترة حظر الأسلحة.