تكاد عمان أن تكون هي البلد العربي الوحيد في لحظتنا الراهنة، الذي يعيش بكامل استرخائه وألقه دون مشكلات أو منغصات مستوردة. تغضب من عمان أو تختلف معها سياسياً لكن لا بد أن تحبها وأهلها وتحترمهم إلى آخر مدى.. لا طائفية في عمان ولا أحاديث ملغمة عن «التعايش» الذي يتحول في حالات عربية كثيرة إلى حالة « تناوش»؛ التعايش الحضاري/ الحلم فضيلة غائبة إلا في عمان. في ظني أنه يكفي هذه العمان الخلابة بعد سلامها وحيادها العاقل؛ أنها أيضاً بعيدة عن البارود والأحزمة الناسفة والجماعات الملثمة، التي تجتاح كل شبر عربي تحت شعارات زائفة وملفقة. التمازج في هذا البلد مدهش ويجب تعميمه فوراً على كل بلد عربي مصاب بالحصبة والزهايمر وكساح الأطفال السياسي والثقافي! في عمان تأخذ السياسة هامشاً ضيقاً وتافهاً في أحاديث الناس؛ لقد انصرفوا إلى أشياء أجمل بكثير مما يحترفه العرب هذه الأيام، ولذلك لا يتخبطهم الشيطان مثلما يتخبط المرابين والمقامرين بأحلام الشعوب، ولا يُوحي إليهم بارتكاب الموبقات تحت أي ستار.. ويارب لا تغير عليها. استمعوا إلى إذاعة عمان مثلاً وستجدون أنها الإذاعة العربية الوحيدة، التي لا تزال تفتح رواقاً واسعاً جداً من بثها أحاديث الحب والأدب والسياحة والثقافة بشكل متوازن وأخاذ؛ لأن أخبار الحروب والدماء فيها تأتي بشكل عارض، ولأنها وهذا هو الأهم لا تستضيف جنرالات من بقايا النكسة يبيعون ويشترون ثم ينهزمون في بداية كل حرب، وفي نهاية كل بث إذاعي!!