هذه ليست مزحة، هي تغريدة أحد المحتسبين قال فيها إن الهجمات الاحتسابية لن تتوقف حتى يغلق تويتر وقت الصلاة، ولو افترضنا أنه مازح سيكون الأمر أكثر بشاعة لأنه يقدم للناس صورة المحتسب “الأهبل” وقد تأخذ هذه الصورة سبيلها إلى التعميم. أحيانا لا تستطيع إلاّ أن تربط بين الحركة الاحتسابية الأخيرة وتعيين رئيس الهيئات الجديد، فالرئيس لم يكن – بحسب البعض – من المرغوب بهم بين أعضاء الهيئة لقيادة هذا الجهاز، وهو ما أدى إلى فوضى مختلقة في صفوف المحتسبين. وحين هجم بعض المحتسبين على قرية الجنادرية، خرج المسؤولون في الجهاز للتبرؤ منهم والجزم بأنهم من صغار السن المتحمسين، وتستنكر الهيئة فعلتهم، وحين تتعمق قليلا في الواقعة تجدها حركة تستهدف التشويش على رأس الهرم، فالمهرجان يعيش عامه السابع والعشرين ولم يشهد هذه المواجهة من قبل. ما يحز في النفس فعلا أن بعض الإخوة المحتسبين ينشغلون بقضايا يعتبرها المجتمع هامشية وتخضع للاعتبارات الشخصية في كل بلدان العالم من أقصاه إلى أقصاه، لكنهم أبعد ما يكونون عن قضايا الإنسان الكبرى: الفقر والبطالة والفساد. تلك القضايا تصنف في أعلى درجات المنكر المجتمعي وهي السبب الرئيس وراء الجريمة والتحلل الأخلاقي الذي يحاربه جهاز الهيئة، فالعاطل عن العمل – إن لم يكن متمتعاً بوعي حقيقي للمشكلة وبخلق حميد – قد يجد نفسه “بائع خمر” إذا لم يجد وظيفة وحياة كريمة، والفقير – إن لم يكن كذلك أيضاً – قد يصبح “قواداً” ليأكل. التركيز الاحتسابي على فعاليات الثقافة – الجنادرية ومعرض الكتاب – بزعم وجود الاختلاط والمظاهر غير الأخلاقية، أمر مثير فعلاً، وقد لا يخرج عن كونه ضمن سلسلة الصراع بين تيارين ولن يضيف للمجتمع الذي هو قلب العمل الاحتسابي أي شيء. ما يحدث في مثل هذه الفعاليات يحدث في كل المؤتمرات الاقتصادية والطبية والفعاليات التي تقام في كل مدن البلاد في كل عام، هناك اختلاط بين الجنسين ومشاركات رجالية نسائية وتبدأ هذه المناسبات وتنتهي دون ضجيج أو مشكلات. ليست الجنادرية من كازينوهات لاس فيجاس ولا معرض الكتاب طرفا في مهرجان كان السينمائي، وحتي لو دخل مدير موقع تويتر السيد ديك كوستولو الإسلام، لن يغلق موقعاً إلكترونياً وقت الصلاة.