نجد مئات الأسئلة الحائرة في أذهاننا دون إجابات مقنعة بعد رحيل كل تلك السنوات، لماذا كثير من الزيجات تصل إلى مرحلة الانهيار وعدم الاستمرارية؟! سؤال يختصر كثيراً من المشاعر المتضاربة لمن يعيشون هذه المرحلة، على أن النظرة الطبيعية أن يزداد التفاهم بزيادة العشرة والسنوات، لكن ما يحدث عكس ذلك، عاصفة تعصف بذلك الكيان لتوضح لنا حقيقة الأمور غير المرئية وتكشف المستور! رجال يبدأون بحزم حقائبهم والتفكير في التغيير بالبحث عن حياة جديدة بعيداً عن أسرهم، تاركين خلفهم شريكة حياة تعاني ما تعاني! أنثى تشعر بالضياع لا تعلم أي ذنب قد ارتكبت! وما هو سبب الجحود؟! هل هي مراهَقة أصابت شريك حياتها، أم هي نزوة عابرة وتنتهي؟! هل هذا الوضع يلزمها بالبقاء في انتظار عودته، أم عليها أن تكون لها وقفة مع كرامتها وكبريائها فتترك خلفها كل تلك السنوات كما فعل «هو»؟ وهل هي تستحق كل ذلك الإهمال في مرحلة عمرية قد تكون فيها في أمسِّ الحاجة لكثير من المشاعر؟! تتوقف أنوثتها عند تلك المرحلة فتبدأ بتحمُّل مسؤوليات أسرتها متظاهرة بتماسكها، ومن جانب آخر تعاني وتصارع مشاعرها وعدم تفهم ما يحدث لها! دائماً تفكر هل هي فعلاً تستحق هذا الهجر، أم هو فيروس يصيب الرجال في تلك المراحل العمرية؟ وقد يمتلكها إحساس بأنها كانت تعيش خدعة بأن شريك تلك السنوات لم يكن لها منذ البداية، سؤال كثيراً ما يطرأ على بالي تاركاً خلفه كثيراً من الحيرة؟! هل فعلاً أصبح تكوين الأسرة في مجتمعنا مجرد عادة من العادات المتبعة، فيجد الشاب نفسه مجبراً على خوض تلك التجربة ليثبت ما يريد إثباته لمجتمعه، ليتخلى بعد ذلك عن مسؤولياته لتعويض ما فاته؟ أم هل هي حالة تمرد متأخرة لرجل فُرضت عليه زوجته والآن وجد صوته أصبح مسموعاً فاعترض بطريقته الخاصة بالانسحاب من حياة تلك الضحية ضارباً بسنوات عمرها عرض الحائط؟! هل هذا السيناريو المتكرر في مجتمعنا أصبح خاصاً بنا فقط؟! وهل يستوجب علينا من الآن تدريب زوجات المستقبل على تلك المرحلة لكي لا تُصدم نفسياً ولتبقى قوية أمام عاصفة مجتمع سيرمي عليها مسؤولية ما حدث؟! مجتمع يرى أن الرجال دائماً لهم الأعذار وأن الإناث هن المذنبات وهن من أوصل الرجال لتلك المرحلة، وبعد كل تلك التأملات التي استوطنت مشاعري قبل عقلي، لماذا لا تعيش نساء العالم ذلك الجحود، هل لأننا مجتمع ينزه الرجال ويبرر جميع تصرفاتهم بأنها هي الصواب دون نقاش، وعلى الأنثى أن تدفن مشاعرها في تلك المرحلة حاملة على عاتقها بقاء أسرتها قوية؟! ففي السابق هي المسؤولة وإن كانت في الظل، والآن أيضاً هي المسؤولة ولكن بطريقة صريحة وتستحقها، وبأمر المجتمع الذكوري يجب أن تبقى هي «المضحية» بما تبقى من عمرها من أجل أسرتها على أقل تقدير، مبررين ما حدث لها ب«أن الرجال يحق لهم ما لا يحق لغيرهم». إن مجرد التفاتتها للجانب الآخر من الحياة بعيداً عن أسرتها يقصف بها خارج حدود الإنسانية بوصفها أنانية، في وقت قام فيه المجتمع بتبرير تصرف الرجل على أنه «حق من حقوقه»، فأي عدالة ننتظر.. وأين المودة والرحمة يا رجال هذا الزمن؟!