الفقر ليس عيباً وقد يكون في طياته الخير.. ولولا الفقر لم يؤجر الأغنياء.. ولم يدركوا حجم ما أنعم الله عليهم… اسمحوا لي بأن آخذ بأيديكم البيضاء وأنطلق من مفهوم الفقر إلى المعنى الحقيقي للعمل الخيري والزهد والتواضع، والعمل المتواصل لكسب قلوب الفقراء والضعفاء والمساكين الذي يبدأ من خلال الإحساس العميق بآلام الناس واحتساب ما عند الله من الثواب، ولمزيد من المعرفة في هذا الواجب الديني والإنساني الذي رأيته بأم عيني متجسداً في جمعية رومة التطوعية وأولئك النسوة المحتشمات الزاهدات العابدات المتواضعات المتألقات المتسامحات المبتسمات، والعاملات اللواتي جعلن من الحجاب حشمةً ووقاراً، ومن الكلام بلسماً يداوي جروح الضعفاء، ومن التواضع منهجاً يقتدى به، ومن التسامح قلادة عُلّقت على صدورهن، ومن الابتسامة بلسماً وصدقة تجعل الفقيرة تبوح بأسرارها ومعاناتها، وغطاء الخجل قد انقشع منها وعنها، إن تلك النسوة قد عملن في المجال الخيري بمعناه وشكله الصحيح، وقد لاحظت أنا وغيري الخير في وجوههن، والنور الذي عم المكان في تلك الجمعية التي اتخذت اسمها من بئر اشتراها عثمان بن عفان -رضي الله عنه-من يهودي عندما اشتد ظمأ المسلمين في ذلك الزمن. نعم إن رومة بئر للظمآن اشتراها منذ أزمان عثمان بن عفان (وباسمه يحلى صافي ماها)، إنها جمعية رومة التطوعية كلها خير، ولقد وجدت فيها الدعم والعلم والتنوير، إنها روضة قد غنى وتغنى ورقص بها الطير، المواقف التي في رومة كثيرة إذا علقت في الأذهان لا تكاد تنسى، فالطفل في رومة قد ضحك ونسي همومه، وقلوب الفقيرات قد مالت بالحب إلى تلك الجمعية التي ترأست مجلس إدارتها الزاهدة المتواضعة المتألقة المثابرة الإنسانة الرائعة «مها الحقباني» التي مثلت هي ومن معها وبكل صدق «خديجة وعائشة وصفية» أمهات المؤمنين. الخلاصة: زيهن بداخل الجمعية موحد يدل على التعاون فلا تفرق بين مناصبهن، والجميع يعمل ويكنس ويمسح ويرتب ويعدل ويبدل، وقد بدت على ملامحهن مخافة الله والسعي لرضائه بطلب جنته والعتق من ناره، بعيداً عن «الأكشن» ومشتقاته الدرامية.