السادة المحللون العسكريون والسياسيون في الشام كانوا يرددون ويكتبون بزهو جملة استهزاء واحدة يكررونها منذ خمسين سنة، وهي أن الأسلحة التي يشتريها الخليجيون ستتحول إلى خردة في يوم من الأيام، وأنها لن تُستخدم أبداً، وأنه ليس لدى الخليجيين من يجيد استخدامها إن دعت الحاجة.. أخبرونا أيضاً أن كل صفقات الأسلحة الخليجية هي في نهاية المطاف مجرد دعم لخزينة الغرب الاقتصادية، وأكدوا باستمرار أن الغرب وحده هو الذي يأمر الخليجيين بشراء الأسلحة حتى تلك التي لا يحتاجون إليها كي تدور عجلة التصنيع الحربي ولا تتوقف. لم تسلم صفقة سلاح خليجية واحدة من السخرية والاستهزاء والتشنيع، والقول إن هؤلاء المتخمين هم مجرد أدوات لأمريكا والصهاينة، وأفردت صفحات وبرامج حوارية عديدة في سوريا ولبنان للنيل من هذه الصفقات واتهام القائمين عليها بشتى صنوف العمالة وأنهم يفرِّطون في (المال العربي)! أظن الآن أن هذه المسلمة الغبية التي روَّج لها المثقف الشامي لعقود قد تهاوت تماماً، وتبيَّن أن هذا المثقف المسكين هو الخردة الحقيقية، أو بالأحرى هو صاحب اللغة الخشبية الاستعلائية التي لا تتغير تجاه الخليج وأهله، خصوصاً مع بزوغ ما يسمى بمهزلة الصمود والتصدي! ها هو السلاح الخليجي يدافع عن الخليجيين ويقف بكفاءة في وجه المخطط الإيراني بكل وضوح، ويثبت أن أولئك الحُكَّام الذين كانوا يشترون الأسلحة ويخزِّنونها منذ عقود؛ كانوا يعرفون جيداً ماذا يفعلون، وكانت لديهم القدرة على الذهاب بعيداً في استشعار مكامن الخطر والتحديات، ولا عزاء أبداً للمثقف الشامي الخردة!