الفساد أيا كانت صورته يهدف إلى تحقيق المنفعة الشخصية على حساب المصلحة العامة، ويكاد لا يخلو أي مجتمع منه، ومع ذلك تختلف درجة انتشاره أو تغلغله في أي مجتمع سواء كان ذلك في صورة تجاوزات غير قانونية أو ممارسات عرفية؛ فهو يحدث ضمن منظومة قوية ومنظمة، ويعرف متى وأين يظهر، ومع من يتعامل، وله لاعبوه الأساسيون الذين في علاقاتهم يحرصون على عدم ترك أي أثر يدل عليهم أو على تعاملاتهم الفاسدة. ويعد الفساد عدو الإصلاح الأول، وأحد أهم معوقات مسيرة التنمية ومهددات الأمن الوطني، لأنه يسير في الاتجاه المعاكس للجهود المبذولة في العمل على تحقيق كل ما من شأنه أن يسهم في توفير حياة كريمة للمواطن أساسها العدل والمساواة بين المواطنين وحفظ موارد الأجيال القادمة، ويزداد خطر الفساد ويزدوج ضرره عندما يتعاطاه متنفذون ممن يستغلون الثقة التي وضعت فيهم باستغلال مناصبهم لطمس تجاوزاتهم وتسلطهم على الآخرين. ليس هناك وصفة سحرية لمكافحة الفساد ولكن لا يعني ذلك ترك زبانيته يعبثون. ولهذا نحن بحاجة لعاصفة للإطاحة برؤوسه واجتثاثه من جذوره وتعرية رموزه، عبر إرساء مبادئ العدالة الاجتماعية والمسألة القانونية والمحاسبة القضائية لكل من يحاول أن يؤثر في متانة العقد الاجتماعي المتين في علاقة الحاكم والمحكوم، والروابط الوشيجة بين أبناء الوطن، أو يقلل من مظاهر الانتماء لهذا الوطن الغالي والولاء لقيادته نتيجة استغلال نفوذه لظلم وقهر وانتقاص حقوق الآخرين.