تتحمل المرأة البدوية مسؤولية بيتها وأبنائها، بعد غياب زوجها تحت أي ظرف. تعلمت خزنة (أربعون عاماً) القيادة منذ سن صغيرة كونها وأخواتها ليس لديهن أخ، لذلك يساعدن والدهن المسن في جلب الأعلاف للماشية ومتابعتها، وما زالت حتى اليوم وبعد زواجها تقود السيارة وتجوب بها الصحاري، لتشتري العلف من السوق، كما تتابع أعمالها الخاصة مثل اللحاق بالماشية وجلب الأعلاف والماء لها، وتساعد أهلها أيضا أثناء التنقلات في قيادة السيارة. وأوضحت خزنة أنها أصبحت تقود بثقة ويعرفها الجميع، مشيرة إلى أنها تسمع عن الجدال حول قيادة المرأة للسيارة في المدن، وتقول: “أنا رغم خبرتي في القيادة لا أستطيع مزاولتها في المدن الكبيرة بسبب السرعة والازدحام، ولكن مع التعود والتجربة يمكنني فعل ذلك، والحمد لله لم أتعرض خلال السنوات الماضية إلى أي مضايقة من أحد، وهذا بسبب مجتمع الصحراء والقرى، الذي لا يستغرب أولاً قيادة المرأة، ولديه مبادئ نحو احترامها”. وأضافت خزنة أنها تصحو في الصباح الباكر وتقوم بتجهيز “الفطور” للجميع، ثم تقوم بتوصيل الأبناء والبنات للمدرسة في حالة غياب “رجل البيت”، ثم تعود لجلب الأعلاف للماشية ومتابعتها. قبل ذهابها إلى المدرسة في القائلة (الظهر) لإحضار “العيال”، تقول خزنة أقوم بتجهيز “الغداء”، وقالت إن المجتمع البدوي يسمح للمرأة بالقيادة من أجل رعاية مصالحها وأسرتها، خاصة إذا عرفنا أنها آمنة تماماً على نفسها وهي تحت الضوابط الشرعية. وتبدي خزنة تفهماً لرغبات النساء لقيادة السيارة، فهن مثلها لديهن احتياجات تساعدهن في حل كثير من أمورهن الأسرية، مثل إيصال الأولاد إلى المدارس أو زيارة المستشفى أو الأهل والأقارب أو التسوق أو غيرها من الأمور التي يفرض واقع الحال القيام بها. وقالت: “أمام تلك الظروف تستطيع المرأة أن تقود في اليوم الواحد أكثر من سيارة، مثل الوانيت الذي يحمل الأعلاف وينقل الأمتعة والوايت والسيارة الخاصة للمواشي”. وأضافت: “إن قيادتنا للسيارات ليس تحدياً للنظام التي تمنع قيادة المرأة للسيارة، لكن كما قلت بنات البادية يمارسن دورهن بالإضافة إلى أعباء المنزل، فهن يقمن برعاية الإبل والغنم في طول الصحراء وعرضها، وخصوصا بنات الأسر التي لا يوجد فيها عدد كافٍ من الذكور أو لخروج الرجال في أعمالهم التي يغيبون فيها أياما وشهورا تاركين مهمة رعي الحلال للبنات”. واتفقت معها الأرملة أم سعد وهي في الخامسة والثلاثين من العمر، وقالت: “بعد وفاة زوجي قبل سنتين، لم يتبقَ عندي سوى بناتي الصغار وأصبحت مسؤولة عن بيتي وبناتي، لذلك اضطررت لتعلم السواقة، لكي أقوم بواجباتي وإيصال بناتي من البيت للمدرسة كذلك قضاء احتياجات البيت، فتوليت المهمات التي كان يؤديها زوجي قبل وفاته، ومنها قيادة السيارة ومتابعة الماشية واللحاق بها وإحضار العلف من السوق، وعلى هذه الحال أمورنا ولله الحمد على أحسن ما يرام”.