لم تكد تنجلي غبرة الجريمة الإرهابية عن جامع الإمام الحسين بالدمام؛ حتى أمسك إمام المسجد السيد علي السيد ناصر السلمان بزمام الأمور أمام جمهور الناس الذين عادوا إلى الجامع لأداء صلاة الجمعة. وفي مغرب اليوم نفسه؛ سبق الناس إلى الجامع ليؤمّهم في فرضَي المغرب والعشاء، ويُواصل تحمّل مسؤولياته بوصفه رجلَ دين يحترم الناس مواقفه على مدى عقود طويلة. ومن منبر المسجد الذي كان مرشحاً ليكون مسرحاً لجريمة خطيرة؛ خاطب عقول الناس بهدوء وحكمة واتزان ودقة. وسجّل موقفه مما حدث واصفاً الجريمة بأنها «عمل إجرامي». وفي الوقت ذاته؛ طمأن الناس إلى ما بعد الجريمة النكراء، وقال لهم إن الدولة «سوف تتكفّل بمحاسبة من يقف وراءه ولن يؤثر في معنويات المصلين». وأكد أن «أبواب المسجد ستبقى مفتوحة أمام قاصديه من كل مكان، لأنه بيتٌ من بيوت الله، وليس بيت أحد آخر». كما أصدر السيد السلمان بياناً «نعى فيها الشهداء الأبطال»، وقال «نؤكد إدانتنا ووقوفنا صفّاً واحداً ضدّ جميع أشكال الإرهاب والإجرام التي تهدد مجتمعاتنا وأوطاننا». وفي مكالمة مع «الشرق» قال السيد السلمان، أمس، إنني أدعو الناس إلى أن يكونوا صبورين وأن يتحلّوا بالأمانة والصدق». ويحظى السيد السلمان بشعبية واسعة في المنطقة الشرقية بوجه عام، وفي محافظتي الأحساء والقطيف، وهو إمام الجامع منذ ما يربو على ربع قرن. كما يتمتع باحترام الأوساط الاجتماعية، نظير مواقفه الوطنية التي عبّر عنها بهدوء ووضوح، مبتعداً عن الأضواء الإعلامية. وُلد السيد السلمان في شهر رمضان 1356ه، وتوفي والده الفقيه السيد ناصر المعروف ب «الأحسائي» عام 1358، لينشأ تحت رعاية ابن عمته الفقيه السيد محمد بن السيد حسين العلي المتوفى سنة 1388ه. وقد بدأ دراسته الدينية في الأحساء أولاً، وهو في عمر العاشرة، فقرأ «شرح الآجرومية» علي يد السيد محمد بن السيد علي الحسن آل السيد سلمان في الجامع الكبير في مدينة «المُبَرَّز». وفي سنة 1370 ه سافر إلى العراق ليواصل دراسته، وأكمل ما يُعرف ب «المقدمات والسطوح»، ثم دخل مرحلة «البحث الخارج»، وهي مرحلة متقدمة في الدراسة الدينية، قبل أن يعود إلى البلاد قبل أن يعود إلى البلاد ويتولى مسؤوليات الإرشاد والتوجيه والتدريس.