ثمة اختلاف بسيط في النظرة الأولى، ولكن هناك فرق كبير بالتحقق عندما تتضح الرؤية، بين الرياء والإعلان. فالرياء، كما هو معروف، هو صفة مذمومة، بالإضافة إلى أنه يعتبر من الشرك، وقد تم وصفه بالشرك الأصغر، أما الإعلان فصفته حسنة، فهو دافع، وداعم للطرق الحسنة لكي يقتدي به مَنْ يعلمون به، أو مَنْ يرونه، ومن جهة أخرى هو ترويج لسلعة، أو نشاط معيّن. أحد الإخوة الأفاضل كان قد عمل عملاً حسناً، وهو دعم إحدى الهيئات الخيرية في المدينة باسم نشاطه التجاري القائم، الذي يحتاج إلى دعاية، ولحفظ حقه بالتبرع، منحته الهيئة، التي قبلت التبرع منه، درعاً مكتوبة عليها كلمات شكر وامتنان له، لتشجيعه ومَنْ يعمل مثله على ذلك، وهذا متعارف عليه، وقد أرسل لي صورة الدرع التذكارية لأنشرها في إحدى جهات النشر، وقد استغربت منه ذلك لأنه من الذين لا يجهلون بأمور الدين، وأرسلت إليه رسالة محب له، موضحاً فيها أن هذا العمل الخيري إنما الهدف منه هو الثواب، والجزاء من الله، وعندما يتم نشره سيكون إعلاناً، وربما أصبح من الرياء، وهو صفة مذمومة، وذلك لأنه يحمل اسم المنشأه، والنشاط التجاري الخاص بها، فردَّ عليَّ برسالة، موضحاً فيها أن هذا الأمر بمنزلة إعلان له، ولنشاطه التجاري، ونشره يعود بالفائدة عليه، وعلى نشاطه، فلم أستطع إقناعه، هداه الله، وبارك في جهوده. ذكَّرني هذا الاختلاف بين هاتين الصفتين بنقطة نهاية الاقتران وبداية الافتراق، وكما يقولون «هناك شعرة بين العبقرية والجنون».