كتبت مقالةً عن السفارة السعودية في الكويت عنوانها: «سفارتنا في الكويت.. من أنتم؟!»، بتاريخ 27 /4 /2015م، فجاء الرد من مكتب معالي سفير خادم الحرمين الشريفين لدى دولة الكويت بتاريخ 29 /4 /2015م، ومن المؤسف أن هذا الرد كان صادماً، لا بسبب أنه مُسْكِتٌ في تبيان الحقيقة وتوضيحها، ولا في لغته الراقية وأسلوبه الرفيع، بل لأن المقالة: «سارت مشرقة وسار مغرباً»، فالرد لا علاقة له بالموضوع، وبدلاً من أن يتعرَّض للفكرة تعرَّض للكاتب، وليته قال الحقيقة!، كما كُتِب بلغة متعالية جداً، تقوم على الإرهاب لا الإقناع، والتهديد لا المنطق، وبطريقة احتجت معها إلى أن أُعيدَ النظر في الرد أكثر من مرة لأتأكد أنه -بالفعل- صادر عن جهة رسمية!، كما أن الرد لم يكن موضوعياً، وحوى كثيراً من المغالطات التي يمكن تفنيدها بسهولة على النحو التالي: أولاً/ قالوا: (إن مقالة الكاتب حملت كثيراً من المغالطات وتشويه الحقائق) ومع ذلك لم يردوا على أي شيء منها!، أما هذه العبارة فهي كلام عام لا يمكن نفيه ولا إثباته، ولا تصديقه ولا تكذيبه. ثانياً/ قالوا: (إن الكاتب رفض التصديق على التقرير الطبي من الخارجية الكويتية)، وبصراحة أستغرب أن تُحرج السفارة نفسها بهذا الشكل، حين تأتي بشيء متعلق بمستند رسمي، يمكن عرضه أمام الناس، بل هم الذين صادقوا على التقرير، وأخذوا رسوماً على ذلك!؛ إذ لا يمكن للسفارة أن تصادق على التقرير ما لم يكن مصادَقاً عليه -أولاً- من الخارجية الكويتية، كما أنهم أخذوا رسوماً على هذه المصادقة «حوالي 50 ريالاً» بلا سند، وبلا «طابع» يُلصَقُ في العادة على المعاملة، كما حدث مثلاً من الخارجية الكويتية، حين أخذت رسوماً مقابل «طابع» يُلصَق على التقرير، لأسباب أعتقد أنها رقابية، كما أن المواطن السعودي في الكويت يحتاج إلى أن يدفع مرتين مقابل تصديق معاملته، مرة للخارجية الكويتية، ومرة ثانية للسفارة السعودية، ولست أدري فيما إذا كان هذا الإجراء نظامياً أم لا، فإن كان نظامياً فليكن بشكل أكثر تحضراً كما فعلت الخارجية الكويتية. ثالثاً/ قالوا: (إن الكاتب قال عن نفسه: إنه صحفي مهمته تصيد الأخطاء ونشرها)، وعلى الرغم من أن هذا القول ليس تهمة تحتاج إلى نفي، فالصحافة سلطة رابعة كما هو معروف، إلا أني أتحداهم أن يُثبِتوا هذا الادعاء؛ لأنه ليس من اللائق أن يعبِّرَ صحفيٌ عن نفسه بهذه الطريقة الجافة، لكنهم قالوا ذلك من باب: (يكاد المريب أن يقول خذوني)، وعندما اعتقدوا أني سأقول للناس: إن السفارة تخلو من الموظفين المكلفين بالتصديق على المعاملات قبل ساعة -على الأقل- من نهاية الدوام، وإن موظفيها لديهم أزمة في التعامل مع المراجعين، إلى درجة أن أحدهم يوزع رقمه الوظيفي على المراجعين ويخبرهم باسمه، ثم يقول لهم متحدياً: (أعلى ما بخيلكم اركبوه)، كما حدث معي، ولحسن الحظ أني لم أنسَ اسم الموظف ورقمه الوظيفي، ولولا الخشية من الإساءة إليه لعرضت ذلك أمامكم، وأرجو من الإخوة المسؤولين في السفارة ألا يُنكروا ذلك أيضاً، فليست أرقام موظفيهم إلهاماً يودعه الله مباشرة في قلوب الناس!. رابعاً/ قالوا: (إن كونه صحفياً لا يعطيه أفضلية على غيره من المواطنين، ولا يجيز له تجاوز الأنظمة والتعليمات)، وأتحدى أن يثبتوا أني طلبت من أيِّ موظف في السفارة أن يصادق على التقرير الطبي بلا تصديق من الخارجية الكويتية (باللين) فضلاً عن تحديه (بالقوة)، بل إن تواصلي مع الموظفين في مكتب السفير كان بعد إنهاء المعاملة، وهذه المكالمة موثقة بتوقيتها وتاريخها ومدتها (23 أبريل 2015م، الساعة 1:06م، مدة المكالمة 7 دقائق)، وفيها تواصلت بصعوبة، وبعد رجاء وإصرار من عامل السنترال (غير السعودي) مع موظف اسمه (حسين)، الذي تطوع من باب (الفزعة) -على ما يبدو- بالرد، وقد شكرته رافضاً طلب تقديمه المساعدة؛ مبيناً أن اختلافي معهم مبدئي لا شخصي، فلا أدري من الذي منح الآخر الأفضلية أنا أم هم!، مع اعتقادي أن هذا الموظف الطيب كان سيعرض المساعدة على أي مواطن آخر، لكني أتيت به للتدليل على أني لم أكن بحاجة إلى مساعدتهم فضلاً عن استغلال عملي الصحفي. خامساً: لم أتمكن من تجاوز البوابة شبراً واحداً، على الرغم من محاولات الاتصال المتكررة من الموظف الموجود عند المدخل، والذي لم أره بسبب تعتيم النوافذ إلا حين طلب البطاقة الوطنية من أجل تصويرها، إلا أن المسؤولين في السفارة يحاولون التذاكي على الناس من خلال الإتيان باسمي كاملاً في ردهم عليَّ لإيهام الناس أنهم يعرفون عني كل شيء، مع أنهم لم يسمحوا لي بالدخول ولا حتى التواصل مع أي مسؤول في مبنى السفير ولو عن طريق الهاتف عدا الأخ «حسين» الذي وعدني بالاتصال بعد خمس دقائق، لكنه لم يفعل حتى كتابة هذه السطور!. سادساً: ذكروا -على سبيل التشكيك- مصطلحَي (شرف المواطنة) و(أخلاقيات المهنة)، ومن المؤسف أن المساحة هنا لا تكفي للحديث عنهما، مع وعد مني بالتعليق عليهما في مكان آخر ومناسبة أخرى. وفي ختام هذا الرد أستأذنكم بطرح سؤال محدد على معالي السفير، متمنياً أن تكون الإجابة عليه بشكل مباشر: كيف عرفتَ كل هذه الحقائق مع أنك لم تسمح لي بدخول مبناك شبراً واحداً؟! معالي السفير: إذا لم تفتحوا أبوابكم أمام الناس وتستمعوا إليهم في السر، فستستمعون إليهم في العلن، شجعوا الناس على انتقادكم، ولا تغضبوا حين تُهدَى إليكم عيوبكم، فلا فيكم «موسى»، ولا فينا «فرعون»!.